ذكرى محمد نادر
بقرار المالكي الاخير سحب رخص10 قنوات فضائية ومنعها
من التغطية الصحفية, ضمن عزل ومنع وصول معلومة مغايرة لما يريد له المالكي تعميمه
وتمريره على عموم المجتمع العراقي , وحجب تدفق المعلومات والاخبار المتعترضة على
سياسيته "او على الاقل التي تعمل بحياد الى حد ما ", بينما ترك افق حرية
العمل لادواته الاعلامية سواء الرسمية او الخاصة الموالية له واسعا, وبهذا القرار
,يكون المالكي قد احكم طوق ادواته , ونجحت خطته بالزحف المنظم والاستيلاء والسيطرة
على مواقع القوة فقد توفرت له الان: سيطرة مطلقة على مصادر القرار العليا بغياب
هيئة الرئاسة," الرئيس في غيبوبة, ونائبه الاول الهاشمي مطارد, والثاني عبد
المهدي مستقيل احتجاجا عليه!" وحكومة تامة الولاء لم يعد يتبقّ فيها الا
اتباعه بعد انسحاب اغلبية وزراء الكتل الاخرى احتجاجا ايضا على سياسته.
وتحقق له ,سيطرة فعلية على البرلمان بعملية عزل
مثيرة للسخرية وفق مبدأ بوش " من ليس معي فهو ضدي" ففرغ البرلمان من اي
مساحة وسطية أو اعتدال!
يستند المالكي بشدة, لحيازته التامة على المؤسسات
الامنية واجهزتها كافة, شرطة جيش, ثم قوات سوات الهجينة ما بين انفاق وزارة
الداخلية وتدريب وزارة الدفاع, بينما ينحصرتلقى اوامراها من مكتب المالكي مباشرة,
بأشراف الفريق فاروق الاعرجي, والوكيل الاقدم للداخلية عدنان الاسدي.. وهذا الجهاز
المهجن هو رأس حربة قوات المالكي ومطرقتة المميتة, لافتقاره للسلوكيات المهنية او
الخلاقية وفق عقيدة القتل والترويع الممنهج !
ولا تتوقف حيازة المالكي على مواقع القوة لهذا الحد,
فالمقدرات المالية للدولة كلها تقع الان تحت سلطته بأستقالة وزير المالية د. رافع
العيساوي, ثم استيلائه على البنك المركزي بعد استبعاد محافظه د. سنان الشبيبي!
ولا حاجة لنذكر تسيس القضاء! او شراؤه لذمم الساسة,
وشيوخ العشائر من كلا الخندقيين!
ويبقى الامر الاهم من هذا كله : الركون للاعلان
الصريح والفعلي والمباشر بالنصرة والاسناد من قبل ايران وقد أشار له اكثر من مسؤول
ايراني احتلت تصريحاتهم المواقع الاخبارية , مثلما احتلت عناصرهم المسلحة الساحة
العراقية !
الوضع مريح جدا امام المالكي اذن للانطلاق لما هو
ابعد مما نراه الان من فعالياته! للشروع في تنفيذ ما يراه مناسبا لتمكينه من اتمام
مشروعه في " سحق الارهاب" المتمثل في ابادة سكان المنطقة الغربية تحديدا
وقطع رؤوس كل من يقف الى جانب مطاليب محافظاتها المشروعة من خارجها
!
وقد هيأ المالكي كل الاجواء اللازمة لتنفيذ خطواته
او جريمته اللاحقة واليكم المشهد: استطاعت جريمة قتل الجنود بالضخ الاعلامي
والتهييج الشعبي, ان تغطي ببشاعتها لتطمس على بشاعة جريمة اخرى اكبر واخطر, سبقتها
يوم واحد من تاريخ وقوعها, وهي مجزرة الحويجة ! فلم تعد تشكل جريمة قتل عشرات
المحتجين السلمين, اي أدانة او استنكار وكأن من قتل فيها" اعداءا"و
ليسوا مواطنين عراقيين لهم حق المطالبة بدمهم كما لغيرهم !
ولم يعد احد يهتم لطرح الاسئلة او البحث عن اجابات
لها مثل: لماذا يقوم المتظاهرين بقتل الجنود, ثم يندفعون لمعالجة الاحياء منهم فهل
يبقي القتلة على شاهد حي ؟ لماذا لا يستمع احد وسط صخب الدعوات للانتقام لشهادة
الجندي الجريح الذي ينفي وقوع الجريمة من قبل ساحات الاحتجاج؟ ثم ..لماذا لا
يتساءل احد ما الذي يفعله شخص ايراني يتحدث الفارسية وهو يسأل عن هويات
القتلى" يظهر صوته في شريط الجريمة في الدقيقة 1:6 !!
لماذا لا تُسمع شهادة الجريح المقعد من الحويجة الذي
توسل ان يقتلوه ويتركوا طفله الوحيد لكن " القاتل" تحدث معه بلغة فارسية
قائلا: سنقتله امامك اولا.. قبل ان نقتلك!! وهو الان جريح وثاكل لوحيده !! وشهادته
تأكيد لعمليات أعدام الاسرى!
لماذا يُستخف وتُغفل عمدا, مسارعة منابر الاعتصامات
للتعبير عن رفضها واستنكارها لجريمة قتل الجنود, ووضعهم مكافأة لمن يقدم اي
معلومات حول القتلة, ؟
ولماذا لا يتساءل احد ببداهة : هل تقتل ساحات
الاعتصام ابناءها فبين الضحايا الخمسة هناك 3 ثلاثة جنود من ابناء الفلوجة كان
مصيرهم نفس مصير اخوتهم, فهل يقتل المعتصم ابن عمه او اخيه؟ " هذا اذا
افترضنا ان لهم يدا فيما حدث اصلا !
ثم لماذا تتحول جريمة قام بها افراد" لم تتضح
هويتهم بعد" نحو تجريم جماعي بحق من هم ضحايا بالاصل, لتطمس على قضية انتفاض
شعب , ولا يطالب احد بأيقاع العقوبة بحق رئيس حكومة مسؤول وبشكل يقيني لايقبل
الدحض عن جريمة قتل العشرات واعدام من تبقى من جرحاهم؟
المالكي يقودنا نحو التمزق.. القتل. التحول الى
وحوش.. و استسهال تمزيق بعضنا البعض اربا بروح الانتقام ! انه يعمل على ان يجعل كل
فرد منا مشاركا له في جريمته من خلال: الاشتراك الفعلي فيها" اتباعه"..
أو اتخاذ موقف متشنج يخالفه" المعارضة" يقودنا بالوقوع في فخ الغفلة او
من خلال الصمت خوفا "الشعب" , وهو موقف لم يوقف المجزرة سابقا ولن
يوقفها لاحقا! بعد قليل من الان لن نجد فينا بريئا .. قط !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق