8‏/4‏/2013

سباحة قصيرة في بحر ثورة العراق الباسلة


الدكتور كاظم عبد الحسين عباس
  أكاديمي عراقي مقاوم
من المؤكد ان بعض المتورطين بالعملية المخابراتية الاحتلالية, افراد وأحزاب وقوائم انتخابية, قد فاجأهم الحراك الشعبي السلمي الثائر في محافظات العراق الثائرة فاضطروا لممارسة نفاق مكشوف مارسوا من خلاله محاولة مسك العصا من المنتصف ليكونوا مع الحكومة وعملية الاحتلال المخابراتية (السياسية) بقدم ومع ساحات الثورة بقدم اخرى .

لقد لعبوا لعبة التقية (الصفوية) التي يبدو انهم تعلموها من خلال الاحتكاك بصفوي السلطة لأنهم يدركون تماما ان عدم تواجدهم مع الجماهير ولو عبر طلات رسمية أو شكلية على الساحات أو عبر تواجد مادي لأيام الجمع أو غيرها سيعزلهم تماما عن البيئة التي يدعون تمثيلهم لها وفي نفس الوقت ظل بعضهم جزءا من الحكومة والبرلمان مع تبني لفظي لمطالب الجماهير ولعب بعضهم دور الوسيط من دون أن يطلب منه الثوار هذا الدور.والثوار يعلمون علم اليقين ان هؤلاء كانوا ولا زالوا يشكلون ليس خرقا للثورة فقط بل، هم الرصيد المضموم للحكومة العميلة يحاولون ويناورون ويتآمرون به ومن خلاله. غير ان حكمة وصبر الثوار وبعد نظرهم ونضج القوى السياسية والعشائرية والدينية التي تقود الثورة وساحاتها قد مسكت هؤلاء بعناية وبتصرف عراقي وطني فريد.
ثورة الشعب العراقي التي هي امتداد طبيعي وتصعيد كمي ونوعي لمقاومته المسلحة الباسلة بدأت لتنتصر وليس لتتحول الى ساحة للمتسلقين وللمنافقين من قبل قوى وأفراد وقوائم انتخابية سمح الثوار لهم بمشاركة محسوبة بذكاء سياسي لم ترتق مداركهم الخاضعة والمسيطر عليها من  عقلية الانتفاع الشخصي او الفئوي الى مستوى الاحاطة بأبعاده ومراميه الثورية. ومازال الثوار يمسكون برقاب هؤلاء ويضغطون عليها بطرائق تجعل منهم مطارق بيدها تنهال بها على جمجمة الحكومة وعملية الاحتلال الاجرامية المخابراتية وهم تستوي اجسادهم وكياناتهم على نيران حكمة الثوار بهدؤ فان صرخوا تمزقت حناجرهم وضاع عليهم الخيط والعصفور وان سكتوا ضاعت منافعهم الحقيرة.
لقد نجحت الثورة في استدراج واحتواء بعض المحسوبين على العملية السياسية ووضعتهم في حال لا يحسدون عليه لان انضمامهم الى الساحات لا بد وانه  قد خلق شرخا بينهم وبين العملية السياسية التي كانوا ولا يزالون جزءا منها وبشكل يؤدي مع امتداد زمن الانتفاضة الشعبية المباركة الى التأثير سلبا على هذه العملية من جهة والتأثير سلبا على علاقتهم مع اطراف العملية السياسية الذين يرون في التظاهرات والاعتصامات (جريمة) لا يصح ارتكابها من قبل الشركاء حتى لو كانت الشراكة شكلية وفيها من التهمسش والإقصاء والاحتقار ما فيها من جهة اخرى. ان تواصل تواجد شركاء العملية الاحتلالية في الساحات هو في تقديرنا  تعميق لتورطهم سياسيا وأخلاقيا فبقاءهم مع الثوار كسب للثورة لأنه سيقوض حتما ويعمق الفجوة مع شركاءهم ومع العملية السياسية الاجرامية وإذا عادواالى العملية بالكامل بمغادرة الساحات او اصروا على تغليب التفاوض فأنهم سيخسرون رصيدهم الذي هو اصلا ضعيف ومتدني وهامشي.
واستطاعت الثورة ان تغنم أصوات وفتاوى دينية لها أهميتها ليس في اسناد الثورة والثوار ومنحها شرعية اسلامية فقط بل وفي تحجيم وإحراج أدعياء الاسلام من مغازلي وأرباب العملية السياسية وهذا هو الشيخ الدكتور السعدي حفظه الله يؤسس لحق وضرورة سلمية الثورة ويؤسس لحقها المطلق في الانتقال الى السلاح اذا فشل مسعاها السلمي.(من فتوى الشيخ العلامة عبد الحكيم السعدي
ولم يبق َ بعد هذا إلا أن نقول لهم : متى ما وصلتم الى حالة اليأس من تحقيق حقوقكم ورفع الحيف والظلم والفساد عنكم عن طريق اللسان وبالوسائل السلمية فان رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض عليكم جميعاً متضامنين متكاتفين انكار المنكر وتغييره بالقوة المناسبة وجعل لكم ذلك جهاداً في سبيل الله لان من قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون عرضه فهو شهيد ومن قتل دون وطنه فهو شهيد، ولا يخذلنكم ارجاف المرجفين وتقاعس المتخاذلين بل عليكم بما أمركم به رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعله أمانة في أعناقكم، ولا ملامة عليكم بعد هذا ان خرجتم عن سلميتكم لان الظالم هو الذي ألجأكم الى هذا الخيار الذي ما كنتم تتمنونه.). فالثورة لا خيار امامها إلا النصر بأية طريقة كانت وبعون الله ومشيئته سبحانه.
ونجحت الثورة في تكريس اهداف الشعب التي اعلنتها بل وحولتها الى حقائق متداولة ويتعاطى بها شعب العراق كله من الشمال الى الجنوب بل ونجحت في تسويقها اقليميا وعالميا عبر فرضها لنفسها اعلاميا وسياسيا واجتماعيا ومن خلال الالتفاف الكبير لأبناء العراق في المهجر الذي تمثل بفعاليات مختلفة واخذ ابعادا تنظيمية جديدة وجدت طريقها لأول مرة الى دول ومنظمات اممية ومدنية .وترسخت الان عموديا وأفقيا العلاقة العضوية التكاملية بين الاهداف المعلنه بحيث صار من العسير على أي طرف كان ان يجزئها او يبعد بعضها عن بعض فالاجتثاث جريمة كرسها الدستور والإرهاب الحكومي كرسه الدستور والاعتقالات هي وليد ضال للتطبيقات الدستورية الطائفية والعرقية الخبيثة. وهكذا يصير رفض الدستور والاجتثاث والإرهاب والاعتقالات والمخبر السري والاغتصاب كلها وجوه لقضية واحدة لا يستطيع المتسلقون على اكتاف الساحات ابتلاعها ولا يستطيعون اسقاطها من افواههم لان الثورة قد نجحت في ابلاغها للعالم كله على انها جرائم للاحتلال ولخدمه وعبيده ومنتجات للعملية السياسية التي تخوض في بركها الاسنة وعفنها حكومة عميلة لإيران وبعض اطرافها ايرانية الجنسية فضلا عن ايرانيو الهوى الطائفي الصفوي البغيض.
الثورة  الشعبية السلمية  تضع اميركا في عنق الزجاجة وتحرجها امام نفسها وأمام العالم وتجبرها على الاعتراف بفشل جهدها المدني المخابراتي تماما كما خسر وفشل جهدها العسكري. والحرج لا يذهب بعيدا عن جباه الانجليز المجرمين وكل من خاض في حرب غزو و احتلال و تدمير العراق الاجرامي. فلقد استطاعت الثورة العراقية بطرق حاذقة ابراز العار والشنار والفشل الفضائحي للعملية السياسية وما يعتريها من فساد اخلاقي ومادي وسياسي يندى له جبين كل من عنده جبين بل وحتى من لم يعرق له جبين من قبل.      
ومن بين نقاط الفضح الواسعة التي كرستها الثورة هي تلك المتعلقة بصلة اميركا بإيران واستلام ايران للملف الامني والسياسي والعسكري في العراق بعد انحسار الدور الامريكي وانزواءه في طريقه الى الهروب النهائي. فالعالم كله يدرك الان ان اميركا قد احتلت العراق لتسلمه الى ايران وان حقيقة الحملة الامريكية المؤتلفة مع عشرات الدول قد حصلت تحت قيادة خميني ومشروعه سيئ الصيت لتصدير الثورة الطائفية الايرانية الصفوية المجرمة.
ان من بين خصائص ثورتنا المباركة التي صارت سمة تمييزها الان هي انها وضعت العملية السياسية المخابراتية الامريكية الايرانية الصهيونية بين فكي الرحى. فإما ان تتواصل وتستمر وتتصاعد الثورة حتى تتحقق كامل اهدافها التي وصفناها بتكاملها العضوي والجدلي او ان تضطر اطراف العملية السياسية الى تنفيذ الاهداف وهذا يعني اسقاط الدستور والعملية السياسية. هذه هي المرة الاولى بعد عام 2003 التي تكون معادلة الارنب والغزال هي خيار المنطقة الخضراء وقردتها الخاسئون فإما ان يأخذ الخضراويون الارنب او ان يأخذوا الارنب, لان مطالب الثورة الباسلة هي مطالب العراق فالعراق بلد الحضارات لن يكون بلدا للإرهاب والمحاصصة والقتل الطائفي والاجتثاث وإلغاء الحريات وتقويض انسانية الانسان وإلغاء دور الشعب والخنوع لدولة الفرس المجرمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق