ا.د. عبد الكاظم العبودي
لم يزل سرادق السيرك الثقافي
لحكومة المالكي لم ينته من عروضه الكوميدية بمناسبة احتفالية زائفة نسبت الى بغداد
السبية ظلما واستعارة إسمها كعاصمة للثقافة العربية. وكان يجب استعمال الكلمات
الدقيقة بمسمياتها لتنعت المضبعة الخضراء
كعاصمة للثقافة الطائفية بامتياز.
ولا شماتة بأحد عندما يكون
منتسبا الى صحافة الأمة وهمومها وقضاياها ، لكن الموقف يستدعي مني هنا الحذر عند
استنكار أي شئ يمت بصلة الى أخبار الترهيب
والتخويف وحتى "الارهاب" عندما تأتي أخباره متواترة بغياب الشاهد الموضوعي الحر.
ولكننا يقينا سنقف مع الصحافة الحرة والوطنية عندما تمس ويُساء الى دورها الوطني وحضورها الحرفي والأخلاقي.
لكن ما جرى البارحة ببغداد من أحداث سيختلف عليه
المتناولون لهذا الموضوع عند تحليل وقائعه، وفي كل الاحوال ستفصح المواقف المعلنة من هنا
وهناك مدى زيف التصريحات المتداولة حول مثل هذا الحدث وتوقيته ودوافعه والذي
تختصره برقيات الانباء الواردة من بغداد بشكل انتقائي ومختزل ومعزول عن محيطه؛
خاصة ان الحدث ومسرحه يقترب من محيط المضبعة الخضراء وأحياء قادة الارهاب
والمليشيات ومساكن الساسة الجدد وحمايات كانتوناتهم في الكرادتين.
في البدء وقبل سرد السياقات الخاصة والعامة لهذه
المقالة نود طرح التساؤل المطروح هنا: " من يدين من؟" ، و" من سيرهب
من؟"،ولمصلحة يجري كل هذا اللعب غير البرئ في ساحة كلها ألغام وتآمر وعدم
مصداقية عند الشاكي والمشتكى منه.
وعندما تتداخل صلاحيات السلطات لتصبح سلطة واحدة
اسمها سلطة المالكي وسلطة دولة القانون فإن ايتام العملية السياسية، وخاصة
الصحفيين، ممن ينتسبون لإعلامها وزيف ديمقراطيتها سيتأكدون الليلة، وربما
سيتماثلوا الى الشفاء تدريجيا، من وهم
ومرض عقدي أصابهم هو تعلقهم بمقولة ظهور ما يسمى " السلطة الرابعة" ، التي
بشرت لها الليبرالية الأمريكية الغازية، ومن أجل تمريرها دربت بضعة من صحفي العراق المحتل ونظمت لهم الدورات خاصة والإعداد في غرف تحرير
اعلامية مشبوهة مثل راديو سوا واستوديوهات
فضائية الحرة الامريكية والبي بي سي، وصرفت عليهم ما يمكن صرفه لتحويلهم شهود زور
في دوائر الاعلام والصحافة الاحتلالية، خاصة عندما أدمجتهم في ما يسمى "
منظمات المجتمع المدني" ونقابات الصحافيين كواجهات ومساحيق تزين وجه الاحتلال
البشع وتغطي جرائمه ومراميه الخبيثة.
حال سماعي خبر تلك الاعتداءات
على مقرات لاربع صحف ببغداد كان الصوت القادم من بغداد من احد معارفي الذين أثق
بهم انه يشي بمعطيات هي اكبر من قضية اعتداء بالسكاكين والهراوات إستهدفت اربعة
صحف ، يقال عنها معروفة. كان صديقي الصحفي
المتحدث عبر السكايبي في الجانب الآخر من المكالمة من العراق يقول لي : " لا
تقولوا عنه إرهاب"، كما هو حال المفخخات او التفجيرات التي تذكرنا بأهوال
القيامة؛ بل " عركة كهاوي" و" عتاب أحباب" والمهاجمون وصفوا انهم شقاوات وبلاطجة وقيل عنهم انهم اقتحموا خلوة النكات المتبادلة في الاول من
نيسان/ أفريل وشغلوا قاعات التحرير ومكاتب البرقيات عن حالة البرلمان الكسيح
وحكومة المالكي المريضة بالعصاب الطائفي. ومكاتب الصحف وغيرها كانت منشغلة أهم بنكات
كذبة نيسان، وفي الحديث عن نية استدعاء المالكي للمحاسبة عن القصور الامني فقط في
مجلس نواب غاب منه منذ تأسيسه عن الحضور أكثر من مئة نائب ومن دون محاسبة او
غرامات مالية.
والنكتة الثانية المتداولة عن أسباب رفض المالكي
استدعاء مجلس النواب هو تبريره بعذر أقبح من فعل، كما يقول المثل العربي ، مدعيا عدم الحضور؛ لأنه
يريد تصدير الكهرباء بنهاية هذا العام الى الدول المجاورة، واعلان اكتفاء العراق
كهربائيا، وسوف يتم ذلك مساعدة الشركات الكورية الجنوبية، التي حضرت الى العراق
بقوة لإفتراس عقودها الطاقوية والبترولية من الغنائم المالكية والشهرستانية. وهكذا
اجتمع المالكي بالكوريين الجنوبيين، وخاطبهم بحميمية الشاكي من الاضطرابات التي
تهز عرشه، وبهموم حكومته وأمانيها، وعبر عن تخوفه أمامهم من أن شؤم العدد 13 قد يلاحق حظه، في
التقويم الميلادي 2013.
لكن الحقيقة المغيبة في ذلك اليوم الإعلامي
الاسود ، انه في الوقت الذي كان فيه البلاطجة والشقاة يطاردون الصحفيون بالسكاكين
وأنابيب الحديد والهراوات في شوارع الكرادة الشرقية ويحتلون مقرات جرائدهم كان
المالكي على الضفة الأخرى من كرادة مريم في خلوة مذهبية وأمنية باستقبال وزير
الامن الايراني حيدر مصلحي . طبعا كان الناطق الإعلامي للمالكي يشير الى الحدث بالتصريح
التالي: " جرى خلال اللقاء بحث جهود مواجهة الإرهاب والسبل الكفيلة لدرء خطر
الإرهاب الذي يهدد دول المنطقة".
ومن بين إشاعات كذبة نيسان هذا
العام حول الحريات في العراق، وما يجري في سرادق السلطة ودهاليزها، كان لابد من
خلطة خفيفة لضرب مجموعة من العصافير الصحفية المزعجة، الحالمة في الطيران بأجواء
المنطقة الخضراء وبالسلطة الرابعة، والتي باتت تنقنق وتغرد على تويتر باسم حرية
الصحافة في العراق الجديد، معطية لنقيبها مؤيد اللامي مهلة مريحة متمتعا بسفرة سياحية
ومرافقا بحصيلة أفضاله باستضافته لعدد من غواني وراقصات مصر من اللذين تم تكريمهم
ودعوتهم الى بغداد بمناسبة الذكرى المئوية للصحافة العراقية وبعدها الى احتفالات بغداد عاصمة الثقافة العربية.
مؤيد اللامي الذي لازال يعاني
من جروح انشقاق جماعة فخري كريم زنكنة في نقابة صحفية حمراء أخرى سارع واصدر بيانا
من القاهرة " يشجب فيه الاعتداء على الصحافيين في مقراتهم بكرادة مريم
وهم يحتفلون بيوم نكتة نيسان وامتيازات
السلطة الرابعة" .
عدت الى صاحبي ومحدثي البارحة من بغداد
استفسر ان كانت الحادثة مفبركة من السلطة الأولى وانقلابا أبيضا منها ضد أوهام السلطة الرابعة، ام انها مجرد " عركة كهاوي" ولوي أضلع للتأديب
والتخويف، وهل إنها تستحق منا المعالجة في
مقالة أو بيان كقضية "ارهاب"؟ فرد علي صاحبي بطريقته المازحة " هي قضية
" زعل بين مصارين البطن الواحدة"
وسخر مازحا انها مثل " ضرب الحبيب
مثل اكل الزبيب"، ففهمت كلامه
وتراجعت عن قراري البارحة عن إعلان موقف الشجب والاستنكار المطلوب مني اعلانه، وقررت الكتابة عن الموضوع مكتفيا بسرد الحوادث كما
وصلتني عبر النت وما تقولت به المصادر الاعلامية ، تاركا للقارئ اللبيب
اتخاذ القرار بما يتوجب عمله من موقف تجاه حرية الصحافة.
واني لأمتنع عن ادراج اسمي في قائمة الشاجبين
عندما يتطوع بعض المنتسبين لتلك الصحف ليعلن ان " عمائم الصرخيين" كانت
وراء الحادثة، وأسمع منهم ومن والاهم من اعلام الحكومة المالكية : إن البلاطجة
الخمسين اكتسحوا اسوار المقرات الصحفية وتكسير محتوياتها وترهيب صحافييها دون ان يعترضهم أحد مما أثار
حفيظة السيد بيان باقر جبر صولاغ ، وزير المثاقب وفتح الجماجم ليعبر عن حزنه الكبير وهو يرى انهيار مؤسسات
وزارة داخليته التي سلمها له المجلس الاسلامي الاعلى، ومنها الى يد هادي العامري
ومنه الى نوري المالكي وعصابات عدنان الاسدي ورهط الجنرالات المزيفين والمرتدين في
توليفة غرائبية لتشكيل وزارة الداخلية والامن الوطني.
مستر دريل صولاغ الزبيدي بوصفه رئيس كتلة المواطن النيابية سارع فوصف
الاعتداء على
الصحف الوطنية بـ "الصفحة السوداء" في جبين كل الذين
وقفوا عاجزين أمام هذا الاعتداء". وقال المستر دريل صولاغ الزبيدي، مهندس
الاعتداءات الوحشية والاختطافات التي طالت موظفي اللجنة الاولمبية العراقية ووزارة
التعليم العالي والصحة والمالية والبنك المركزي والتي ظلت حبيسة الاسرار
الطائفية انتفض في بيان له نقلته له وكالة {الفرات نيوز} وقال:
ان "يوم الاثنين الآسود يمثل صفحة
سوداء في جبين كل الذين وقفوا عاجزين أمام ثلاث اعتداءات متنوعة بحق الصحافة
الوطنية التي نزفت دفاعا عن حقوق المحرومين، دون أن يحركوا ساكنا أمام جريدة
المستقبل العراقي، وتهديد ومحاولة الهجوم على صحيفة الناس والبينة الجديدة".
المستر دريل صولاغ فاتح الخزائن الحديدية وجماجم
الأبرياء هو حليف دولة القانون، كان يرى بأم عينه مقرات صحف " البرلمان والناس والدستور
والمستقبل العراقي " في الكرادة، وهي تتعرض إلى اقتحام من قبل مجاميع يصل عدد
أفرادها نحو 50 شخصا مسلحين بأسلحة بيضاء مساء امس الاثنين، وعرف كيف قامت تلك
الجماعات المسلحة بضرب كوادر تلك الصحف بالعصي والهروات وطعنت بعض العاملين
بالسكاكين، وطاردتهم أمام الملأ في شوارع الكرادة من بيت الى بيت ، ومن شارع الى
آخر ،فضلاً عن مشاهد إحراق سيارة تابعة لصحيفة "المستقبل العراقي".
وطبيعة
الحال عندما ظهرت العمامات المبلطجة في المشهد، كما قيل واعلن لاحقا، كان لابد من
مسح الموس بعمامة ما فكانت العمامة الأكثر ترشيحا هي عمامة السيد الصرخي واتباعه.
والأمر المهول هنا يذكرنا بتصريحات عدنان الأسدي، المخرج الامني الفاشل، وهو يعلن
ان التفجيرات الدموية والسيارات المفخخة في شوارع بغداد كانت قد مرت وعبرت من جهة
الفلوجة ومن عدة سيطرات تم الاهتداء الى المتورطين فيها خلال ساعات . هذه المرة
صارت مظاهرات السيد الصرخي تفرخ إرهابا هي الأخرى ولكن من نوع جديد يستخدم العصي
والسكاكين وانابيب المياه الحديدية. والحمد لله لم تسجل كامرات التصوير في محيط
الحادث اية بلطة بيد المهاجمين لتكون تسميتهم بلاطجة .
بالأمس تبجح المالكي بحرية
الصحافة خطيبا أمام زوار فجر بغداد الثقافي من عرب وأعاجم ، وبعدها استقبل وفدا من
مرتزقة الصحافة والثقافة العراقيين، وبارك وفد اتحاد الأدباء المتقاعد وطنيا
وماركسيا ليسلم إدارته العملية الثقافية الى علي الشلاه، ويقبض سمعان حداد ورهطه ما تأخر من صداق تحالفهم مع إدارة الاحتلال من
الوزير سعدون جوير الدليمي، ويتم قبض الاستحقاقات على شكل صفقات بوعد طباعة كتبهم
ومنحهم مكافئات السكوت والجلوس على التل.
وهكذا تم طوي الخيمة الكارتونية
وفواتير بغداد عاصمة الثقافة العربية التي احتفلت بها حكومة المالكي بصبغ تمثال
المنصور وهدم كل ما هو حضاري يمت الى عاصمة الرشيد. كانت مسرحية بائسة بكل مشاهدها وفصولها
وأدوارها، وبما جرى على ركحها أمسى محزنا للعراق وعاصمته ، بما فيه تورط بعض
الاسماء الفنية الغنائية التي عرفت نجاحا في السبعينيات وفي الحضور العراقي لبت
دعوة الدليمي وطلبت عبر الميكروفونات ومن دون خجل الصدقات المالية من الحكومة
المالكية وكانت ملمعة الوجوه في التهافت على وليمة فارغة جرت في خيمة مستوردة وبصفقة رخيصة باهضة الاثمان،وتلك
خيمة صممت لتستعمل لمرة واحدة. .حتى المغنين العائدين الى العراق من منافيهم زوروا الذاكرة العراقية لحنا وغناء وموسيقى
ليقبضوا ثمن حضورهم الى خيمة المالكي وسعدون الدليمي.
كان كل شئ على ركح الاحتفالية
وكواليسها مفضوحا. وكما يقول اخوتنا المصريون: المية تكذب الغطاس، وبدون ميه غرق
الانتهازيون والاعلاميون في خيمة وبركة السيرك الثقافي المالكي. كان الصحفيون شهود
الزور على ما كان يجري في العراق باسم حرية الاعلام والصحافة في عراق ما "
بعد التحرير".
ورغم ما جرى لهم بالأمس ببغداد، إلا ان مرتزقة صحافة
الاحتلال خففوا من تصريحاتهم وهلع موظفيهم وسنكتفي هنا بذكر بعضها كمثال على مستوى
انحطاط السلطة الرابعة في العراق، لا حظوا معنا صياغة الخبر حول مطاردات الكرادة،
لاحظوه وكما نشر لغويا وإعلاميا لتحكموا
علينا لماذا نتحفظ في التضامن مع هذه النماذج الصحفية الارتزاقية الاحتلالية :
الخبر نشر هكذا: [ بغداد / ومع : اقتحم
مسلحين مجهولين , مساء امس , مبنى مؤسسة المستقبل العراقي وسط بغداد واحرقوا احدى
سيارتها من غير إصابة أي من عامليها باذى . وقال مدير المؤسسة الاستاذ علي الدراجي
,ان :" مسلحين مجهولين هاجموا مساء امس الاثنين , مبنى
المؤسسة محاولين اقتحامها ,وقاموا بحرق سيارته الشخصية , مبينا اي من العاملين في
المؤسسة لم يصاب باذى وان الاضرار اقتصرت على الاشياء المادية فقط ". وتعتبر
هذه الصحيفة هي الرابعة من التي تقتحم اليوم من قبل مسلحين، إذ اقتحم مجهولون مساء
اليوم، مقر صحيفة الدستور المحلية، في منطقة الكرادة وسط بغداد، وطعنوا أربعة من
عناصرها بسكاكين، فيما اقتحمت مجموعة مسلحة مقر صحيفة الناس بمنطقة الكرادة أيضا،
وعبثت بمحتوياته، سبقها حادث اقتحام مبنى صحيفة البرلمان وسط بغداد صباح امس].
جاء خبر الحادث الأسود بالامس
ليسجل بحروف من زفت في ذاكرة الدعي علي الشلاه
ويفضح شعوذته الثقافية، كيف سيبلعها الشلاه ويمسحها في جبين لم فيه نقطة حياء؟ وهو لم يزل يجتر كلمات سيده المالكي في خطاب
احتفالية بغداد عاصمة الثقافة وهو يتبجح: ان لا احد يتجرأ في المساس بحرية الصحافة
والثقافة والإبداع ، وان سجون العراق خالية من أي معتقل بسبب الرأي أو الموقف
الفكري. تلك هي كذبة نيسان دائمة قصيرة
المدى كصحيفة المدى الإحتلالية، لا تتجاوز ساحة نكاتها السمجة بين سفهاء الصحافة
العراقية. لنسمع علي الشلاه يتحدث باسم لجنة الثقافة والإعلام البرلمانية وهو يأخذ
مكان سابقه اللص الدعي علي الدباغ، ومهرجهم الكذاب هاشم العطا. لنسمع منه ماذا
يقول: "إن الكشف عن حوادث اقتحام عدد من المؤسسات الاعلامية في بغداد، والاعتداء
على العاملين فيها ستعلن بأسرع وقت ممكن، وفيما أكدت: ان من يقف وراء ذلك سينال جزاءه، ولفت إلى ان
الصحافة ليست "السور الواطئ" الذي من الممكن أن يُعتدى عليه.. واضاف الشلاه : ان
"الاعتداء الذي تعرضت له عددا من المؤسسات الاعلامية، امس الإثنين،
عمل غير مبرر وطنيا وأخلاقيا، ولا يجوز أبدا
الاعتداء عليها؛ لانها أولى تجليات الديمقراطية في العراق، ودليل واضح على حرية
التعبير العالية المستوى في العراق"...
". وبشان كيفية الاعتداء على تلك المؤسسات، بيّن الشلاه: ان "المعتدين الآثمين لم يكونوا مسلحين
بالظاهر، ودخلوا كمراجعين إعتياديين، ولم ينتبه من هم خارج المبنى من أجهزة أمنية
ومفارز لوجودهم ، خاصة إن هؤلاء لم يحضروا اسلحة معهم بل جاءوا بالسلاح
الابيض".
وبسرعة البرق سرب الإعلام العراقي المالكي برقياته
: " ما جرى للصحفيين من إعتداء أمام أنظار القوات الأمنية كان من قبل جماعة
البعثي الضال المضل محمود الصرخي " وكررت بعض فضائياتهم المأجورة ذات القول بأن :
"رجال دين يقودون هجمات على مقرات صحف عراقية ويطعنون صحافيين".
وتكرر نقل الخبر في اعلاميات ومواقع ألكترونية
أخرى ليتضخم ويتدحرج ككرة الثلج متناسيا جلسة البرلمان الكسيحة وغياب المالكي
وحضور وزير الامن الايراني، والصفقات الكةرية ليصبح موضوع الساعة حوارات وتصريحات
تتكلم عن موضوعات تافهة منها : [هاجمت مجموعات بينها رجال دين على امتداد ساعات
اليوم الاثنين مقرات أربعة صحف محلية، حيث اقتحم مجهولون مساء اليوم مقر صحيفة
"الدستور" بمنطقة الكرادة وقاموا بطعن أربعة من العاملين فيها بالسكاكين
. وتم نقل المصابين إلى مستشفى قريب لتلقي العلاج فيما سرق المسلحون سجل أسماء
منتسبي الصحيفة]. [... واضافة إلى ذلك، فقد اقتحمت مجموعة مسلحة مبنى صحيفة البرلمان
وسط بغداد وعبثت بمحتوياتها. وتكررت الحادثة في مقر صحيفة "الناس"
بمنطقة الكرادة أيضا، وعبثت بمحتوياته وقال رئيس تحرير الصحيفة إن مجاميع من أتباع
المرجع الديني السيد الحسني الصرخي قد طوقوا مقر الصحيفة وحاولوا اقتحامه لولا
تدخل رجال الأمن المرابطين في المنطقة . وقال رئيس تحرير الجريدة الدكتور
حميد عبد الله إن منتسبي الجريدة فوجئوا صباح اليوم الاثنين بمجموعات يقودها عدد
من رجال الدين وهم يحاصرون مبنى الجريدة ويهتفون "الموت للعملاء"، محاولين اقتحام مبنى الجريدة، لكن تدخل رجال
الأمن حال دون ذلك. وكانت جريدة الناس قد نشرت تقريراً على صفحتها الأولى أمس
الأحد تضمن معلومات عن انتقال السيد الحسني الصرخي مع ثلاثة آلاف من أتباعه إلى
مدينة كربلاء وإقامته في حي سيف سعيد، واشارت إلى ان اتباع الصرخي قد امنوا طوقا
من الحمايات حول المقر].
واوضح رئيس التحرير أن التقرير لم
يتضمن أية إساءة للصرخي؛ انما كان مجرد معلومات مؤكدة، حصلت عليها الصحيفة من
مصادرها الخاصة، ونشرتها في سياق العمل المهني بعيداً عن الانحياز أو التشهير أو
التجريح. وناشد الحكومة العراقية توفير غطاء من الحماية والأمان لوسائل الإعلام
"ممن يتعاملون بأساليب البلطجة والتلويح بهراوات التهديد ضد حرية الرأي
والتعبير التي كفلها الدستور والتي دفع الشعب العراقي انهارا من الدم لتحقيقها
والدفاع عنه". واعتبر سلوكيات اتباع الصرخي اعتداء صارخ على حرمة الصحافة
مؤكدا ان صحيفته كانت على اتم الاستعداد لنشر اي رد او توضيح او بيان تتلقاه من
اتباع الصرخي من غير الحاجة إلى اساليب التهديد والوعيد "التي لن تثني فرسان
الكلمة عن قول كلمة الحق مهما كان الثمن المترتب عليها" بحسب قوله.
والليلة ايضا اقتحم مسلحون مجهولون
مبنى صحيفة "المستقبل العراقي" وسط بغداد واحرقوا إحدى سياراتها. ونقلت
وكالة "السومرية نيوز" عن مصدر امني قوله إن هذه الصحيفة هي الرابعة
التي تقتحم اليوم من قبل مسلحين ويتم الاعتداء على صحافييها وممتلكاتها.
وكانت
نقابة الصحافيين العراقيين أعلنت أواخر العام الماضي عن مقتل 5 صحافيين، كضحايا
لأعمال العنف المسلح في العراق خلال عام 2012، ليرتفع عدد الضحايا من الصحافيين
خلال الأعوام التسعة الماضية إلى 373 قتيلا، فيما سجلت 16 حادث اعتداء على
الصحافيين خلال العام ذاته..
خلال اقل من شهر يتكرر مشهد درامي
يثير التقزز الأول كان اقتحام وزارة العدل من قبل مجموعة مسلحة كان هدفها الاول تدمير
وسرقة ملفات المحكومين بالإعدام، وهذا الامر ليس من الذكاء بمكان ان تكشف دوافعه
في حمى الاندفاع للوزير حسن الشمري لتصفية المحكومين بالإعدام والتخلص من ملفاتهم بشكل
نهائي وطمس معالم الجريمة. أما حادث البارحة فقد استهدف احراق وإتلاف ما توفر من أرشيف
تلك الصحف وتدمير مكاتبها ومنها الحواسيب الالكترونية.
أما غرائب ردود الفعل الدولية فجاءت على لسان آية الله مارتن كوبلر الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة
في العراق الذي رأى في الحدث فرصته الذهبية ليدير ظهره كليا عن مشاغل الساحات المنتفضة ومطالبها
المستمرة منذ مئة يوم، وها هو يسارع
متجاهلا أخبار سلسلة الإعدامات الأخيرة
لأحرار العراق ليطالب عبر: {بغداد:الفرات نيوز} ويعتبر باسم الأمم المتحدة
الاعتداءات ضد المؤسسات الإعلامية أو الصحافيين أمرُ غير مقبول تحت أي ظرف من
الظروف، داعيا الحكومة العراقية إلى" تقديم المتورطين في الهجمات التي
استهدفت مقرات عدد من الصحف في بغداد امس الى العدالة".
من
جانبها أعربت مديرة اليونسكو في العراق لويس هاكستهاوزن عن" قلقها العميق
إزاء التأثير الخطير لمثل هذه الحوادث على حرية الصحافة وحرية التعبير، ودعت إلى
تقديم المتورطين في هذه الهجمات إلى العدالة ومحاكمتهم". وقالت "إن حرية
التعبير عنصر مهم لإقامة ديمقراطية حقيقية وبناء سلام مستدام في العراق".
وأخيرا ومهما كانت الأسباب وشكل السيناريو المنفذ البارحة في بغداد، سنتفق مع الكثيرين، ومنهم من قال باسم هيئاته ونقاباته المتشتتة تحت أجنحة التكتلات والكيانات السياسية وتحت عناوين سنقرأها لهم منها : "الاعتداء الآثم يؤكد وضع ان الصحفيين في العراق مازال خطرا، فهم مازالوا يعملون تحت التهديد وفي بيئة أمنية وقانونية غاية في الخطورة والتعقيد، لاسيما وان جماعات العنف في البلاد جميعها تستهدف الصحفيين وتحاول فرض أجندتها الدينية المتشددة عليهم". ورأت إحدى الجمعيات ان "حالة الإفلات من العقاب بالنسبة للمجرمين والمستهدفين للصحفيين ووسائل الإعلام أصبحت سائدة منذ العام 2003، وشجعت مثل هذه الجماعات على الاعتداء على مؤسسات إعلامية معروفة وفي مناطق من المفترض انها تحت السيطرة الأمنية". ودانت الجمعية تصريحات وزارة الداخلية التي نشرتها صحيفة "العالم" التي عبرت فيها عجزها عن حماية نحو 50 صحيفة، متهمة إياها "محاولة للتنصل من مسؤوليتها".وشددت بيانات النقابات التي تم تدجينها تحت جناح حكومات الاحتلال وهي تخرج عن صمتها بعد ان طفح الكيل بالقول: ان "تكرار استهداف الصحفيين ومؤسساتهم يؤكد ان هناك جهات مازالت تجهل الدور الذي يضطلع به الاعلام في خدمة البناء واعادة اعمار العراق وتحاول فرض لغة الغاب على نهج الحوار والديمقرطية".
وأخيرا ومهما كانت الأسباب وشكل السيناريو المنفذ البارحة في بغداد، سنتفق مع الكثيرين، ومنهم من قال باسم هيئاته ونقاباته المتشتتة تحت أجنحة التكتلات والكيانات السياسية وتحت عناوين سنقرأها لهم منها : "الاعتداء الآثم يؤكد وضع ان الصحفيين في العراق مازال خطرا، فهم مازالوا يعملون تحت التهديد وفي بيئة أمنية وقانونية غاية في الخطورة والتعقيد، لاسيما وان جماعات العنف في البلاد جميعها تستهدف الصحفيين وتحاول فرض أجندتها الدينية المتشددة عليهم". ورأت إحدى الجمعيات ان "حالة الإفلات من العقاب بالنسبة للمجرمين والمستهدفين للصحفيين ووسائل الإعلام أصبحت سائدة منذ العام 2003، وشجعت مثل هذه الجماعات على الاعتداء على مؤسسات إعلامية معروفة وفي مناطق من المفترض انها تحت السيطرة الأمنية". ودانت الجمعية تصريحات وزارة الداخلية التي نشرتها صحيفة "العالم" التي عبرت فيها عجزها عن حماية نحو 50 صحيفة، متهمة إياها "محاولة للتنصل من مسؤوليتها".وشددت بيانات النقابات التي تم تدجينها تحت جناح حكومات الاحتلال وهي تخرج عن صمتها بعد ان طفح الكيل بالقول: ان "تكرار استهداف الصحفيين ومؤسساتهم يؤكد ان هناك جهات مازالت تجهل الدور الذي يضطلع به الاعلام في خدمة البناء واعادة اعمار العراق وتحاول فرض لغة الغاب على نهج الحوار والديمقرطية".
وإذا كان هذا الحادث الأبرز لما يعانيه الصحفيون
كما يقول البعض، فاننا لا بد أن نذكر عام
2011 الذي شهد فضائع الاعتداءات على
الصحفيين علنا وأمام كامرات التلفزة المحلية والأجنبية في ساحة التحرير خاصة بعد
انطلاق المظاهرات لإسقاط حكومة المالكي، وبعدها جرى تكميم الافواه بطرق عدة، بدءا
بشراء الذمم الى التهديد بكواتم الصوت والاغتيالات، كي تمر مهلة المئة يوم التي
طلبها المالكي، ولكي يجند بها الاعلام في اخراج المهازل والمسرحيات الحكومية وفي
التغطية على ما يسمى عمليات مكافحة الارهاب او فبركة الأخبار عن تنظيم القاعدة،
وتشويه الخصوم المشاركين معه في العملية السياسية والبرلمان باسم النزاهة
والاجتثاثات بكل أنواعها ولتمرير الصفقات، وحتى اخراج وفبركة التقارير والتحقيقات
الاعلامية وخاص مسر حية " عرس الدجيل" وعروض إعترافات حمايات المالكي
والعيساوي، وزرع الانشقاقات في قوائم الكتل البرلمانية للحفاظ على اغلبية ارتزاق
تميل لصالح المالكي وابقائه في السلطة . ذلك لم يتم لولا تواطؤ الصحافة والاعلام
الحكومي والخاص من داخل العراق ومن خارجه.
ورغم كل هذا فالعالم الحر تابع مأساة
الصحافة العراقية بدءا من تفكيك الدولة العراقية وحل المؤسسات الاعلامية والوطنية
واجتثاث كتابها وصحافييها ومطاردتهم وقطع ارزاقهم واغتيالهم .
يذكر تقرير أعدته النقابة أن عام 2012
يعد امتدادا للأعوام التي سبقته في مجال استهداف الصحافيين بالقتل والإعتداء
والمنع من مزاولة المهنة رغم ما يحظى به العمل الصحافي من اهتمامات على مختلف
الصعد الرسمية والمجتمعية والشعبية. وأشارالتقرير
إلى أن هذا الاستهداف يعزز الانطباع السائد بخطورة العمل الصحافي في العراق مشيراً
إلى ان عدم وصول الأجهزة الأمنية للجناة الحقيقيين الذين يقفون وراء جرائم استهداف
الصحافيين يشكل حالة من القلق النفسي لدى الصحافيين، ويعزز الانطباع السائد بخطورة
العمل الصحافي في العراق، الأمر الذي يؤكد ان الصحافي مازال مهددا وميدان الصحافة
محفوفا بالمخاطر.
وأشار التقرير إلى أن هناك جهات في
حلقات الدولة وبشكل خاص في الأجهزة التنفيذية لم تدرك بعد طبيعة مهمة الصحافي وما
تقتضيه من إلتزامات بالسماح للصحافي بحرية العمل والوصول للمعلومة دون قيود. وهذا
الخلل بات يشكل حاجزاً يقف بوجه العمل الصحافي. كما لفتت النقابة في تقريرها إلى أنه
رغم إقرار قانون حقوق الصحافيين والمصادقة عليه في 29 أغسطس من العام الماضي، إلا
أن كل ذلك لم يمنع قلة ضئيلة من الذين يعملون في الزوايا المظلمة ووفق أجندات
خارجية من إستهداف الصحفيين بالقتل ظنا منهم أن أسلحة الكواتم قادرة على كتم
الأفواه ووضع مسارات العمل الصحفي بالإتجاه الذي يريدونه.
في مسرحية المالكي الأخيرة سننتظر
الإعلانات وتبادل الأدوار والتصريحات والوعود باعتقال الفاعلين وعن قرب محاكمتهم
وعن ... وعن... ولكن الحقيقة التي
سنشهدها، وكما عبرنا عنها في عنوان
مقالتنا" انه لا يتعدى سوى عواء في عرس واوية.. ونهش أنياب ضباع المضبعة الخضراء لا غير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق