21‏/2‏/2013

نداء إلى أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، ملوك ورؤساء وأمراء العرب



بسم الله الرحمن الرحيم
  
 أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، ملوك ورؤساء وأمراء العرب المحترمون
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
باسم هيئة التنسيق المركزية لدعم الانتفاضة العراقية التي تضّم نخبة مثقفة واعية من شرائح المجتمع العراقي وممثلين عن الجاليات العراقية خارج العراق، وباسم اللجان التنسيقية لتظاهرات الشعب العراقي في محافظات العراق كلها، وباسم منظمات المجتمع المدني في العراق، نتقدم إليكم بندائنا ومناشدتنا هذه وكلنا أمل أن تقفوا على حقيقة ما يجري في العراق من جرائم بشعة يرفضها الضمير العربي والإسلامي والإنساني.



إن العراق يشهد ـ ومنذ عشر سنوات ـ دماراً بنيوياً واجتماعياً وسياسياً واقتصادياً ممنهجاً بهدف استكمال تدميره وتقسيمه وإلغاء دوره في محيطه العربي والإسلامي والدولي وطمس هويته العربية الإسلامية.
إن الظلم والقهر وهدر الكرامة الإنسانية تراكم منذ الاحتلال الغاشم في العام 2003 وإلى الوقت الحاضر، وخاصّة بعد أن تم تسليم العراق ومقدرات شعبه إلى المليشيات والأحزاب التي تأتمر بأوامر إيرانية وتنفذ أجندتها وتدير العملية السياسية المشبوهة بأسلوب تهييج النعرات الطائفية وافتعال الأزمات والإقصاء والتهميش والانفراد بالسلطة والإيغال في أسلوب القمع والقتل وتصفية خصومها السياسيين والاعتقال العشوائي والاغتصاب وهدر المال العام وفتح خزائن العراق أمام اللصوص والسراق والفاسدين.
أزاء هذه الحالة المأساوية لم يبق أمام الشعب العراقي إلا الانتفاض والتظاهر سلمياً والمطالبة بتحقيق العدالة والإنصاف ورفع الحيف والجور الذي لحق به وضمان حقوقه الأساس بما في ذلك حقوقه السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وفوق ذلك كله حقه في حياة حرة كريمة آمنة وهي من مسلمات حقوق الإنسان الاساس كما وردت في الشرائع السماوية والقيم العروبية الأصيلة وفي الصكوك الدولية.

 أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
إن الصرخة التي انطلقت من محافظات الانبار والموصل وكركوك وبغداد وسامراء وصلاح الدين وديالى منذ الثالث والعشرين من شهر كانون الأول من العام الماضي والتحق بها مواطنون من محافظات الوسط والجنوب مطالبين بضرورة إنهاء الوضع الشاذ الذي صنعه الاحتلال ويكمله الآن الاحتلال الإيراني بوساطة من يأتمرون بأوامرها. 
تتلخص مطالب المتظاهرين بقضايا هي من صلب الحقوق الأساس للانسان، ومنها الحقّ في حياة حرّة كريمة، الحقّ في العمل والتعليم والصحّة، إنهاء عمليات الاغتصاب والتعذيب الممنهجة في السجون ومعاقبة مرتكبي هذه الجرائم، إيقاف أحكام الإعدام التي تنفذ في ظل غياب أبسط معايير المحاكمات العادلة. 
ومن المطالب الأساس كان إلغاء المادة 4 من قانون مكافحة الأرهاب لأنها اتخذت ذريعة ضد خصوم السلطة، ويجري طبقاً لها إيداع عشرات الآلاف من الأبرياء في السجون بسبب مواقفهم السياسية، أو بسبب احتمال أن يتخذوا مواقف معينة، إبعاد الجيش عن المدن، تعيين مقرّر خاص لحالة حقوق الإنسان في العراق. وعندما لم تستجب الحكومة لهذه المطالب المشروعة طالب المتظاهرون بإسقاطها وإسقاط الدستور الذي وضع أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق وهو ظرف يقوّض شرعيته تماماً. 
ومن الثابت والموثّق باعتراف رسمي أيضاً هو اغتصاب النساء والشباب والشيوخ في السجون، وأنتم تدركون، أصحاب الجلالة والمعالي والسمو، مدى بشاعة هذه الجرائم في المجتمع العربي والإسلامي وقيمها القبلية وما تتركه من عذابات لا يمكن أن تنتهي، خاصة في مجتمع كالمجتمع العراقي العربي المسلم.
إننا على يقين أنكم أطلعتم على التقارير الصادرة عن منظمات معنية بحقوق الإنسان التي ذكرت تفاصيل هذه الجرائم والممارسات اللاإنسانية في بياناتها وتقاريرها.
إن هذه المطالب هي مطالب شعبية عامة ومشروعة وقانونية حتى في ظل الدستور الحالي الملغوم باعتراف جميع الأحزاب المشاركة في العملية السياسية المشبوهة وأنها لا تختص بمكون إجتماعي أو مذهبي معين، إنما تشمل العراقيين كافة، الذين يعانون من الظلم والقهر والحرمان من أبسط حقوق المواطنة والأمن والأمان
إن العراق أصبح، وبموجب تقارير الشفافية الدولية، البلد الأكثر فساداً في العالم والأكثر إرهاباً وبطالة وفقراً، وإننا على يقين أن ضمائركم العربية والإسلامية ونخوتكم العروبية تأبى قبول استمرار هذه الجرائم والفساد والارهاب ضد أبنائكم واشقائكم في العراق.
وتود الهيئة أن تؤكد لكم، أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، أن هذه الانتفاضة المباركة انتفاضة سلمية وقانونية وأنها لا تحمل أية صبغة أيديولوجية أو مناطقية أو طائفية، فهي تشمل معظم أنحاء العراق ولا تقلّ عنفواناً في وسط البلاد وجنوبها إلا أن الإعلام المحلي والعالمي تجاهلها وعتمت عليها لأسباب معروفة وواضحة لديكم.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
إن فشل العملية السياسية وعجز البرلمان الحالي أصبح واضحاً وجلياً لكم وللعالم، عندما انبرى رئيس الوزراء (نوري المالكي) لتأجيج الوضع بنعته وتوصيفه المنتفضين بألفاظ ونعوت يأبى أي سياسي مبتدئ أن يطلقها، وتهديده ووعيده بقتل المتظاهرين والمعتصمين السلميين الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة وإبادتهم، وكلامه موثّق بالصوت والصورة إذ تحدّث أمام شاشات التلفاز. ومن أجل تنفيذ تهديده دفع أفراداً من الجيش للاحتكاك بالمتظاهرين فوقعت مجزرة في مدينة الفلوجة راح ضحيتها ثمانية متظاهرين سلميين وعشرات من الجرحى من أهل المدينة يوم الجمعة المصادف 25/1/2013 وغيرهم في الموصل وبغداد وديالى والتي عتمت وسائل الاعلام عليها. 
ولم يكتف (رئيس الوزراء) بتلك الأعمال الإجرامية، بل أوعز بتشكيل ميليشيات يقودها عتاة المجرمين الذين يتشوقون لسفك دماء العراقيين وذبحهم كالنعاج وأطلق عليها اسم "جيش المختار"، وعندما أراد المنتفضون إقامة صلاة موحدة في مسجد الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان يوم الجمعة 15 من الشهر الحالي، جن جنون السلطة الحاكمة وجيشت القطعات العسكرية والميليشيات الطائفية وعناصر الأمن والمخابرات والشرطة، فضلاً عن تسهيل وصول عناصر إيرانية مسلحة (من فيلق القدس والحرس الثوري) لتنفيذ أعمال عنف وقمع في العراق، ثم قطعت الطرق ومنعت أياً من سكان المحافظات المنتفضة من الوصول إلى بغداد طيلة أيام 14 و15و16 من الشهر الحالي ووضعت الحواجز وعزلت المناطق، بل أنها حولت حياة سكان العاصمة إلى جحيم لا يطاق. وفرضت حصاراً على مدينة الاعظمية وداهمت مسجد الإمام أبي حنيفة والمقبرة التابعة له وأعتقلت المئات من شباب المدينة بسبب أنهم من مواليد محافظة الانبار، على وفق ما مثبت في هوياتهم.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
إن السلطة الحاكمة في بغداد عازمة على ارتكاب مجزرة بشرية كبيرة ومرعبة، وإن نتائجها ستكون كارثية على العراق والمنطقة العربية بأكملها، وإن هذه السلطة السادرة في غيها لا تأبه باعداد الضحايا مهما كثرعددهم ولا تأبه بالرأي العام العربي والإسلامي والعالمي، لأنها سلطة  متجبرة وحاقدة مليئة بهاجس الثأر والطغيان، وما تحشيدها القطعات العسكرية حول المدن المنتفضة واستنفار المليشيات الطائفية وإعادة جرائم السيارات المفخخة في الشوارع والقتل بأسلحة كاتمة الصوت إلا مقدمات لما نقول، مما يؤكد أن الزلزال قادم لا محالة وإذا جاء فإنه لن يبقي ولن يذر، لا سمح الله، وأن حممها ستطال المنطقة بأسرها.
ولا يفوتنا أن نذكر أن ميليشيات السلطة بدأت تنفذ عمليات تهجير للسكان في عدد من مناطق بغداد وتوزيع منشورات طائفية تهدد من لا يغادر منطقته بالقتل، ونرفق لكم مع هذه الرسالة نموذج من تلك المنشورات.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
نناشدكم باسم الشعب العراقي المنكوب وباسم القيم والمبادئ العربية الإسلامية التي تؤمنون بها، ونناشد نخوتكم العروبية أن تجيروا أشقاءكم وأبناء عمومتكم في العراق المبتلى بهذه الطغمة الفاسدة، كما نناشدكم تحمل مسؤوليتكم العربية والإسلامية والإنسانية والأخلاقية بالوقوف إلى جانب أبنائكم وأشقائكم في محنتهم التي يكتوون بنارها منذ عشر سنوات، ونناشدكم أن تعيدوا النظر في التعامل مع هذه السلطة الجائرة الحاقدة وتخرجوا من صمتكم تجاه ما يتعرض له ابناؤكم وأشقاؤكم في العراق من قتل وإعتقال وتعذيب وظلم وتهجير وإقصاء وتهميش، وأن تساند الحراك الشعبي العراقي وتدعموه وتثيروا قضيته في المحافل الإقليمية والدولية. إنها لحظة تاريخية فاصلة، لحظة الحقيقة. التي سيسجل التاريخ وقفتكم فيها بأحرف من النور.
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقكم ويسدد خطاكم.
وتقبلوا أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، أسمى آيات تقديرنا واحترامنا


هيئة التنسيق المركزية لدعم الانتفاضة العراقية
لجان التنسيق في المحافظات العراقية
منظمات المجتمع المدني في العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق