11‏/3‏/2013

جذوركم في الوطن حيثما كنتم.. وها قد دقت ساعة الحقيقة


 جبار الياسري / كربلاء
كعراقيين لم نكن نألف أو نطيق الغربة أبداً، ولم ولن نستسيغ مذاقها وطعمها مهما كانت حلوة، ومهما كانت مغرياتها ومزاياها وامتيازاتها الدنيوية، وعرف عنا كعراقيين أيضاً  منذ أقدم العصور، بأننا..  كلما ابتعدنا عن حضن الوطن... كلما ازددنا حنيناً ووشوقاً وارتباطاً والتصاقا بتربته الطاهرة، كونه وطن ليس له مثيل أو شبيه بين الأوطان، وليس كمثله وطن على وجه الكون. 

وحتى الذين قصدوه أو استقروا فيه لفترة ما.. بمن فيهم الغزاة والمحتليين كانوا لا يودون فراقه أو تركه حتى بعد دحرهم وهزيمتهم  يعودون إليه كزائرين، وهنالك من الحقائق والأمثلة والشواهد بالآلاف التي تدلل على ذلك، وعن أقوام وشعوب تركت أوطانها وفضلت الاستقرار على أرض وضفاف الرافدين، لأنه أبو البشرية وجينات جميع شعوب الأرض خرجت من هذه البقعة التي اختارها الله سبحانه وكرمها  وبارك بها وبأهلها.
وينطبق على أبنائه أيضاً.. قول شاعرنا العربي  أبو تمام  حيث يقول :
 نقل فؤادك حيث شئت من الهوى  **  ما الحب إلا للحبيب الأول
كم منزل في الأرض يألفه الفتى    **  وحنــــينه أبدا لأول منزل
 نعم.. لطالما تغنينا وتغزلنا عن بعد بحب الوطن وشدنا الحنين إليه، وبكينا وتألمنا كعراقين لفراقه وما ألم َّ به، أو عند تعرضه لإعتداء أو عدوان أو خيانة، العراق ربما يكون الوطن الوحيد من بين جميع الأوطان الذي يعيش في قلوب وضمائر أبناء شعبه أينما كانوا، وإلى أي مكان حلوا أو رٌحّلوا، حتى لو كانوا في أقصى بقاع الدنيا.
 ليس من باب الصدفة اخترت هذا العنوان لهذه المقالة : ( جذوركم في الوطن حيثما كنتم  )، فمن خلال ما تقدم... أوجه  ندائي وصرخاتي  المتتالية من خلال هذا المنبر، وكذلك المنابر الوطنية  الأخرى في الداخل والخارج  إلى كافة الشرفاء العرقيين  من أبناء هذا الوطن المنكوب،  أن لا يترددوا أو يتراجعوا قيد أنملة عن دعم وتأيد وشرح قضيتهم الإنسانية العادلة  أمام الهيئات والمنظمات والمحافل الدولية في جميع أرجاء العالم، بحكم تواجدهم الإختياري أو.. حتى القسري، وأن يقوموا بفعل كل ما بوسعهم  من أجل إيصال رسالة أبناء شعبهم العراقي الذين أودعَ في سجن كبير أسمه ( العراق ) منذ عشر سنوات.. نقترب من ذكراها وتاريخها الأسود والأليم.. ألا وهو يوم 9 / 4 /2003 المشؤوم ، هذا بالإضافة بأن الواجب والإنتماء الوطني يُحّتمْ علينا وعليهم  بغض النظر عن أي إعتبار آخر تقديم كافة أشكال الدعم المادي والمعنوي والإعلامي، كل حسب إمكانيته وطاقته وخبرته للتواصل مع أهلنا وأخواننا المعتصمين في ساحات الحق والعدل والكرامة، من خلال هيئة التنسيق المركزية لدعم إنتفضة الشعب العراقي، وأن نشد على أياديهم ونؤيدهم وندعمهم بكل اشكال الدعم، وان لا نخذلهم أو نُخيب آمالهم بنا كسفراء لقضيتنا قبل أن تكون قضيتهم ومحنتهم  فقط، ولنكن لسان ننطق ونؤيد جميع مطالبهم الوطنية العادلة  أمام جميع المحافل الدولية، وعلى رأسها إسقاط هذه العملية المخابراتية الإجرامية المركبة، وإزالة كافة آثارها ومخلفاتها والتصدي لأدواتها بكل الطرق والوسائل المتاحة لدينا.
 أيها الأخوة الأعزاء خارج اسوار الوطن : هذا هو يومّكم، وهذه هي فرصتكم التاريخية الأخيرة التي طال إنتظارها لتقديم الدعم ومدّ يد العون لإخوانكم في الداخل، فبعد أن أنجزت مقاومتكم العراقية الباسلة الإنجاز الأكبر والأهم والأضخم في تاريخ الحروب والإحتلالات التي تعرضت  لها مختلف  دول  وبلدان  العالم على مرّ التاريخ  وخاصة ما تعرض له العراق منذ نشأته الأولى وحتى الآن. ولربما يسأل.. سائل : لماذا يعتبر الإنجاز الأكبر والأهم والأضخم  في تاريخ مقاومة الغزو والاحتلال ؟؟؟.
 الجواب : لأن المقاومة العراقية الباسلة بمختلف فصائلها وأطيافها وعناوينها بما فيها المقاومة  السلمية  المتمثلة بإنطلاقة  شرارة الثورة الإعلامية المباركة عن طريق إطلاق عدد كبير من المواقع الإعلامية العراقية  المجاهدة والمتميزة، وتسديد فوهات الأقلام الوطنية الشريفة  مباشرة لدعمها  من قبل نخبة وطنية أصيلة، خاصةً عندما تناخى جميع العراقيين أينما كانوا لرفد ودعم المقاومة وإيصال رسائلها وصوتها وضرباتها الموجعة للمحتل وأذنابه من الخونة والجواسيس والعملاء، بعد أن توهم المحتليين وعملائهم  واذنابهم بأنهم قد تمكنوا من الهيمنة والإستحواذ على العراق وأعلنوا النصر مبكراً جداً ؟, وأنهم تمكنوا أو استطاعوا من خلال اتباع سياسة الترغيب والترهيب ترويض أبناء هذا الشعب العظيم.
  المقاومة العراقية أيها الأخوة.. تكاد تكون المقاومة الوحيدة في العالم التي لم تتلقى الدعم المالي أو التسليح أو حتى التأيد المعنوي الخارجي  بما فيه دعم وتأيد الأشقاء العرب على أبسط وأقل تقدير... بل على العكس تماماً، بعض حكومات وليس شعوب بعض الدول حالت وما زالت تحول دون تحقيق أو تعجيل إنهاء ما تبقى من مظاهر ومخلفات الاحتلاليين للأسف، وتعتبر المقاومة العراقية أيضاً حسب القوانين والأعراف العسكرية أسرع وأقوى مقاومة تشكلت بعد دخول المحتلين، وتعتبر أيضاً حسب اعترافات العدو الغازي نفسه، بأنها أي المقاومة العراقية قد كبدت أقوى وأعظم قوة في العالم خسائر فادحة بالأرواح والمعدات وتسببت في إذلال وتحطيم الجبروت والغطرسة الأمريكية.. بل ورسمت لها صورة مغايرة في عقول وأذهان أعدائها وأصدقائها على حدٍ سواء.
 إذن.. أليس من حقنا كعراقيين أن نشعر بالفخر والإعتزاز بالنفس، وأن نمشي مرفوعي الهامات،  عندما نقول بملئ الفم نحن عراقيون... و كذلك نفتخر بأننا نحن من جرع الخميني السم بالأمس القريب ودحره وقهر جيوشه ، ونحن من هزم ومرغ أنف أمريكا وحطم كبريائها وكسر عنجهيتها ودمر مشروعها الشرق أوسطي الكبير أو الجديد، ونحن بإذن الله من سيكنس بقايا الاحتلاليين ومخلفاته وفضلاته القذرة التي دنست أرض العراق الطاهرة، وعلى رأسهم أحفاد كورش وكسرى وأبناء وحلفاء آيات الشيطان قريباً.
 أليس من واجبنا  الوطني والأخلاقي.. يا ترى أن نرّد الجميل لمن ضحى ومازال يضحي من أجل رفعتنا وعزتنا وكرامتنا وسمعتنا بين الأمم، ويبذل جهود مضنية  كذلك من أجل أجيالنا اللاحقة  كي تعيش بكرامة ورفعة.
 يا أبناء العراق الغيارى أينما كنتم أو تواجدتم  على امتداد ساحات الوطن من زاخو وحتى الفاو، أوعلى امتداد ساحات الغربة لمن هاجر طوعاً أو هُجّر قسراً،  وأينما حل بكم الدهر.. سواء  في أبعد نقطة في شمال كندا، أو في أقصى نقطة في جنوب نيوزلندا أو استراليا، في أوربا أو أمريكا، في آسيا أو أفريقيا، نقول لكم ونناشدكم بقداسة وقدّسية تربة الوطن وطهارة ماء الفراتين.. وفي نفس الوقت نحذركم  أيضاً.. من مغبة التغاضي والتراخي  في مثل هذه الأمور المصيرية، ونقول لكم... لقد دقت ساعة الحقيقة، دقت ساعة حق تقرير مصير وطن وشعب بأكمله، إن الأيام والأشهر القادمة حبلى بالتكهنات والمفاجآت.. وها نحن قد أصبحنا على مفترق طرق... نكون أو لا نكون، نسوّد على كل شبر من أرضنا أم نبقى مشردين في أصقاع الأرض، نعيش في عراق حر سيد مستقل.. أم في عراق مقسم متناحر تنخره الطائفية والفساد، نعود..وتعودون بخبراتكم وطاقاتكم الشبابية  لبناء وإعمار وطنكم الذي هدّم ودمر وما يزال يهّدم ويدمر بمعاول الحقد والطائفية المقيتة، وتنقذونه  وتخلصونه من مخالب الطامعين والحاقدين، أم... لا قدر الله سيتبعثر وسيتشرذم ويندثر ويصبح في مهب الريح، وعندها سوف لن ينفع الندم والبكاء على الأطلال، عندها لا سامح الله سنضيع و تضيعون أنتم وأولادكم وأحفادكم في بلاد وديار الغربة، ويحل ويستوطن الأغراب وتعشعش الغربان وخفافيش الظلام في ديارنا  ودياركم من شذاذ الآفاق والعصابات وقطاعي الطرق واللصوص, من أولئك الذين أسسوا وأقاموا وشيدوا لهم محمية أطلقوا عليها اسم (المنطقة الخضراء) وهي بحد ذاتها تعتبر دويلة  لقيطة دخيلة ووكر إجرامي زرع في قلب العراق من أجل تفتيته ونهب ثرواته وإبادة أبناء شعبه، بالضبط كما تم زرع الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي. 
 فلنقف وقفة رجل واحد لدعم وتأييد انتفاضة شعبنا الثائر وإلى أمام.. وما النصر إلا من عند الله العلي القدير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق