19‏/3‏/2013

تقرير عن مؤتمر المساءلة والعدالة للعراق المنعقد في مقر الامم المتحدة/ جنيف



تحقيق العدالة وتطبيق الشرعية الدولية لاجل العراق والشعب العراقي
سيروان بابان
عضو مشارك في المؤتمر
بمناسبة اقتراب التاريخ الاسود الذي اقدمت فيه الولايات المتحدة الامريكية ومن تحالف معها من دول التاريخ الاستعماري على احتلال وتدمير دولة ذات سيادة وعضو مؤسس لكل المنظمات الدولية، القانونية او الانسانية منها، مع اقتراب الذكرى العاشرة للعدوان على العراق واحتلاله وتدميره، ومع استمرار الاعتصامات والتظاهرات في ارجاء العراق ضد انتهاكات حقوق الانسان التي تمارسها السلطات المنصبة من قبل الاحتلال، افتتح عمدة جنيف السيد ريمي باغاتي وفي مقر مجلس حقوق الانسان في مبنى الامم المتحدة في جنيف يوم 14-3-2013 مؤتمرا يتعلق باتهاكات حقوق الانسان في العراق على مدى عشر سنوات من الاحتلال وتحت شعار: المساءلة والعدالة للعراقAccountability and Justice for Iraq، حضره ممثلو عدد كبير من المنظمات الانسانية الغير الحكومية في العالم والناشطة في مجال حقوق الانسان والعدالة.



وقدمت خلال المؤتمر، الذي تواصل على مدى يومين، عدة ملفات متعلقة باتهاكات حقوق الانسان في العراق على مدى 10 سنوات من الاحتلال، والتي ادت الى ابادة دولة وشعب ذات سيادة وعضو في الامم المتحدة، في سابقة خطيرة في تاريخ الامم المتحدة منذ نشأتها، والتي اقدمت عليها دول الاحتلال بتدمير العراق وبنيته التحتية والفوقية، وتدمير الدولة والبيئة العراقية من حيث مايتعلق باستخدام الانسان لها وابادة كافة الكائنات الحية وعلى نحو منظم ومبرمج وفق خطط مسبقة، وتاثيرات الاحتلال على مستقبل العراق واجياله القادمة بعد ان اثبت من خلال الملفات التي قدمت في الجلسات المخصصة لها بأن الولايات المتحدة، ومن معها من دول الاحتلال، قامت باستخدام كافة الاسلحة المحرمة دوليا والتي ادت الى ابادة كل ماينتمي الى مستقبل اجيال العراق القادمة.



وقد اكد عمدة جنيف على ان الامم المتحدة لم تصادق على الحرب ولم تعط حق استخدام القوة والحرب ضد العراق بهذا الخصوص، وادانت بشدة التصرف الشخصي لدول الاحتلال بالذهاب واحتلال العراق وتحطيم دولة ذات سيادة وعضو مؤسس في الامم المتحدة، واكد على ان العراق قبل عام 2003 كان يتقدم بخطى حثيثة وعالية بالتعاون مع الامم المتحدة وكذلك في كافة مجالات الحياة الخاصة في خدمة المواطن وسيادته واستقلاليته رغم قرارات الحصار التي اصدرها مجلس الامن الدولي عليه.
واكد السيد لون الامين العام لحركة الشباب والطلبة في الامم المتحدة والامين العام لشبكة ضد العنصرية خلال حديثه على ان احتلال العراق اكبر جريمة في التاريخ السيء للولايات المتحدة، وهي جريمة اعترض عليها اكثر دول العالم في الامم المتحدة ورفضت الحرب كافة الشعوب عندما خرجت بتظاهرات مليونية في كل انحاء العالم، وتطرق إلى التعبئة الشعبية الدولية ضد قرار الحرب واحتلال العراق.



وفي جانب اخر تحدث الممثل العام الاسبق للامم المتحدة في العراق السيد هانس فون سبونيك حول انتهاك حقوق الانسان من قبل دول الاحتلال، وانتقد الامم المتحدة في اتباعها المعايير المزدوجة في التعامل مع القضايا الدولية في ملفات الدول المتعلقة بالنزاعات الدولية، وتطرق الى العقوبات التي فرضت على العراق عام 1990 عندما اقدم على دخول الكويت والتي صدرت من الامم المتحدة خلال ساعات محدودة، بينما في الملف العراقي واحتلال امريكا ومن معها من دول التحالف لم تتعامل بنفس المعيار، علما ان العراق دولة ذات سيادة وعضو مؤسس في الامم المتحدة، وقال: لماذا لايطبق القانون على الدول التي احتلت العراق بذات التعامل الذي تم به التعامل مع العراق، وهذا يعطي مؤشرا ودليلا على عدم حيادية الامم المتحدة في اتخاذها للقرارات، كما اكد على ان الاهم لدى امريكا هو النفط اولا وليس الشعب العراقي واعتبره ثانيا في تعاملها مع الملف العراقي.
واكد ان برنامج النفط مقابل الغذاء والدواء لم يكن يهدف لمساعدة الشعب العراقي وانما له مآرب اخرى سياسية هددت العراق، حيث كانت هنالك اموال كثيرة في صندوق العراق في جنيف مكدسة، وكان اطفال العراق يموتون بالالاف بسبب نقص الادوية والمستلزمات الطبية التي يحتاجها العراق في كافة المرافق الانسانية ذات المساس بحياة المواطن، ورفضها تحت ذرائع انها تستخدم كعناصر مزدوجة بحيث وصلت الى قلم الرصاص الذي يحتاجه الطفل في المدرسة.
واكد هنالك اجتماعات مستمرة في الامم المتحدة لفتح ملف احتلال العراق لمحاولة تجريم دول الاحتلال ومطالبة دول الاعضاء بالتعامل مع دول الاحتلال تحت المعايير القانونية المتعلقة بالاعتداء على دول ذات سيادة.
وتحدث المدير التنفيذي لمحكمة بروكسل السيد ديرك ادريانسيس، والمؤلف لعدة كتب تتعلق باحتلال العراق وتدميره بكل الجوانب، واحدها هو ماوراء ابادة التعليم في العراق، تحدث حول التدمير المنظم للتعليم في العراق وتأثيرات ذلك على الاجيال القادمة في العراق،  واكد على ان الشعب العراقي استطاع طرد الاحتلال من خلال مقاومته بكل الوسائل ومازال عازما على طرد بقاياه وبقايا الامبراطورية الامريكية، كما اسماها، وسيقوم بطرد حكومة المالكي المعينة من قبل امريكا، وان هذه الحكومة وكذلك امريكا يصفون التظاهرات الكبيرة بالعراق اليوم على انها تظاهرات طائفية، لكننا نقول انها جزء من مقاومة العراق للخلاص من الاحتلال واعوانه وتبعاته، وهي تؤكد على ان لا للطائفية لا للتجزئة وتدعو الى الغاء الدستور الذي كتبته قوات الاحتلال.
وقال ان هذه هي الحقائق المهمة في القضية العراقية للحفاظ عليه كدولة ذات سيادة والعمل على طرد الاحتلال واستقلال العراق، وتطرق الى  مانجم عن الاحتلال من تدمير المجتمع العراقي ولاسيما الطبقة الوسطى وهي الطبقة الاساسية التي تشمل الشريحة المهمة لبناء اي مجتمع وفق اسس صحيحة.
وختم كلامه بالقول انه سيبقى يحارب هؤلاء المجرمون الذين يشنون الحروب ويعتاشون عليها وينتهكون حقوق الانسان وبالاخص في العراق.



وفي اليوم الثاني للمؤتمر قدم الدكتور عبد الكاظم العبودي العالم العراقي المعروف ملفاً حول قوانين الحرب واستخدام الاسلحة على العراق واستخداماتها منذ عام 1991، وتأثيراتها على الحياة البشرية والبيئية في العراق حاليا ومستقبلا، وقدم شرحا وافيا معززا بالادلة والوثائق الكاملة التي تؤكد استخدام قوات الاحتلال لليورانيوم المنضب بكل انواع اسلحته، وقدم  ما يثبت استخدام الاحتلال لعشرات القنابل ماتعادل القنبلتين النوويتين اللتين ألقيتا على مدينتي  ناكازاكي وهيروشيما في تأثيرها على البيئة للاجيال القادمة.
وقدم السيد زياس محاضرة اكد فيها ان ماحدث للعراق والشعب العراقي هي مأساة حقيقية بكل المقاييس والاركان، وذلك نتيجة للهدم المنظم والمقصود والممنهج والمبرمج للقوانين من اجل تدمير حضارة ومستقبل هذا البلد، مشيرا الى ان الولايات المتحدة عملت على تأمين نفسها امام كل القوانين الدولية المتعلقة بمحاسبتها ومحاسبة جنودها من خلال توقيع اتفاقيات ثنائية تجعلها بعيدة عن طائلة المساءلة القانونية، لها ولجنودها اينما ذهبوا وانتهكوا حقوق الانسان ومنها احتلالهم للعراق.


وقدم رئيس اتحاد المحامين العرب في بريطانيا الاستاذ صباح المختار محاضرة حول عدم قانونية الحرب وانتهاكات حقوق الانسان، واكد ان الاحتلال وبكل المقاييس والمعايير الدولية القانونية ووفق احكام القانون الدولي كان جريمة إبادة ضد الانسانية، وان ماجرى على العراق هو عدوان غير شرعي، واشار الى ان الامين العام للامم المتحدة السابق، كوفي عنان، وبعد 18 شهرا من بدء الاحتلال اعترف بعدم شرعية هذه الحرب وتمت تعبئة الرائ العام لاجل احتلال العراق تحت اسم (تحرير العراق) وكان هنالك حديث عن الديمقراطية من اجل اقناع العالم بضرورة تغير النظام في العراق، ولكن ما جرى هو اجتثاث لدولة بالكامل بكل اجهزتها ودوائرها الرسمية وتاريخها وحاضرها ومستقبلها، وان ماجرى في الفلوجة لمرتين ومناطق اخرى من العراق هي جريمة ضد الانسانية بكل المقاييس، كما تم تدمير الدولة واغتيال الكوادر العلمية والعسكرية والامنية تحت قانون تدمير الدولة الذي سمي باجتثاث البعث، ولو تمت مقارنة ما حصل بكل حروب التاريخ لوجدنا انها تفوق ماجرى لالمانيا واليابان ابان الحرب العالمية، فقد كان الغرض من ذلك هو ابادة وتدمير الشعب والبلد والدولة والحضارة، وليبق العراق على مدى الاجيال يعيش تخلفاً كبيراً.
واضاف ان الاخطر من ذلك قيام الولايات المتحدة بتسليم العراق الى ايران في الوقت الحاضر، واليوم تعمل ايران على تدمير المجتمع العراقي بصورة منتظمة وتحاول تحويل الثقافة في المجتمع العربي في العراقي والسيطرة عليها تحت المسميات الطائفية.
واكد ان قرار 1859 لعام 2008 كان يتحدث عن استقلال العراق ووحدته وسيادته ويؤكد الحماية لارض العراق وشعبه، ورغم ذلك تقوم امريكا ومن معها باعطاء جزء من الاراضي والمياه الى الكويت وايران.
وقال ان الامم المتحدة ومجلس حقوق الانسان واغلب الهيئات الدولية الرسمية تحاول تجنب الحديث عن هذه الجريمة الانسانية وهي احتلال العراق، رغم ان هذه الجريمة اكبر جريمة منذ عام 1991 والتي عرفت بابشع جريمة في تاريخ الانسانية والجميع ساكت وهو مشارك فيها.
واكد ضرورة تطبيق حكم العدالة في قضية احتلال العراق وتطبيق كافة القوانين الدولية في هذه الجريمة كما يتم تطبيقها في القضايا المشابهة، ومنح التعويضات عن كل ماجرى من الاحتلال وما بعده، والعمل بجهود مضنية لتحقيق العدالة، والعمل على عدم تكرار هكذا جريمة بشعة، وكذلك ضرورة التفاعل مع الشعب العراقي بكل مجالاته.

واكد على ان حق المقاومة للشعب العراقي تكفله كل القوانين الدولية وحق تقرير مصير الشعوب المحتله وفق القوانين الدولية.


وقدم  الاستاذ عبدالسلام الطائي دراسة شاملة حول التغيير الديموغرافي في العراق، وتأثيرات الاحتلال الامريكي على ذلك، وتأثير ايران وامتدادها في العراق بشكل خاص وفي الدول العربية والاقليمية بشكل عام، وتحدث بشكل تفصيلي حول ذلك وتاثيراته المستقبلية على البنية الاجتماعية للعراق والاجيال القادمة، وقدم عرضه معززا بالوثائق والادلة الكاملة ضمن الملف.
وقدمت الباحثة ياسمين جواد الطريحي ملفا كاملا حول انتهاكات حقوق المرأة في العراق وتاثير الاحتلال على ذلك في كل الجوانب الخاصة بها، وتأثير السياسة الجديدة عليها،  وكانت قد قدمت ذلك الملف مستندة على الوثائق الصور من ارض الواقع، وبالاضافة الى الاستاذة كانتانة التي تقدمت ببحث مفصل وشامل حول الانتهاكات المنظمة والمبرمجة لاطفال العراق وماوصل اليه حالهم بعد الاحتلال، والانتهاكات الصارخىة بكل المجالات الصحة والتعليمية وتاثيرات الفقر والعوز والاعتداءات الجنسية وغيرها من انتهاكات حقوق الانسان وموثقة بملف كامل من الصور والوثائق.
وقدمت الناشطة في مجال حقوق الانسان، اسراء الملا، فيلمين عن انتهاك حقوق الانسان في سجون الاحتلال وسجون حكومة المالكي المنصبة من قبل الاحتلال.
وتداخل اغلب المشاركين في المؤتمر بطرح الاسئلة والافكار للوصول الى القواسم المشتركة التي اجتمعوا عليها تحت قبة مجلس حقوق الانسان .
وكان المؤتمر اكد على ضرورة حكم العدالة من اجل العراق في قضية احتلاله وتطبيق كافة القوانين الدولية في هذه الجريمة كما يتم تطبيقها في القضايا المشابهة واكد على تبيين انتهاكات حقوق الانسان في العراق في كل المجالات الانسانية وضرورة تطبيق قانون المساءلة والعدالة لاجل العراق وتطبيق العدالة والشرعية الدولية للتحقيق في جريمة احتلال العراق وابادة شعبه وتاريخه وحضارته.
وكان مركز جنيف الدولي للعدالة ممثلا بالاستاذين ناجي حرج وصباح المختار والفريق العامل معهما قد بذلوا جهدا مميزا في ادارة وانجاح هذا المؤتمر بكل مفاصله وجوانبه منذ الاعداد للمؤتمر وحتى الجلسة النهائية فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق