7‏/8‏/2013

باب الامل

عبدالستار الراوي  
تحية مفعمة بالامل 
(1)
والسلام البهي لمواكب شهداء العراق ، وللغائبين من نسائه وفتيانه ورجاله، سلام لذكرى الشجاعة العابقة بالمحبة والندى،  الذين  دونوا بالدم العزيز  حضورهم السخي  في كل قرية ومدينة وزقاق، من الفاو إلى زاخو ومن النجف الى خانقين .
شهداؤنا الذين كتبوا صفحة متألقة في الالفية الثالثة، اصبحوا رمزا حيا لكل حر ومناضل في العالم. بعد أن أسقطوا إلى الابد هيبة  القطب الاوحد، وخلعوا فكي الوحش الامريكي.  شهداؤنا إنتصروا بالدم النبيل على السيف الدخيل،  وكانوا ومنذ الايام الاحتلال البغيض  يدفعون حياتهم  في مواجهات كبرى  مع المرتزقة ومع الجيوش النظامية،  لم تلههم تجارة ولا بيع ، وتنازلوا بإختيار واع عن مباهج الحياة ، شاغلهم الاوحد  هو العدو الغازي ، ومعيار القتال كان يعني لدى الشهداء، أن حاجة العراق للحرية تستبق الخبز، لذلك كانت المعارك العسكرية لهؤلاء الابرار لايمكن أن يكتب لها الظفر أو تحوز تقدما، إلا ببسالة فريدة وإيثار عميم.




الشهداء أدركوا قبل غيرهم بأن بلادهم  ليست محض جغرافية اختزلها الامريكيون بالمنطقة الخضراء،  وان العراق الجديد، مصطلح اعد (للمجندين ومصادر المخابرات الانجلو امريكية)  عبر القاموس الاسود الذي استولدته احزاب الاحتلال من كتاب الـ CIA (تعلم التجسس على بلادك من الان والى الابد).
شهداؤنا يعلمون تمام العلم بأن  (بابل) لاغيرها  اسبق حاضرة في الدنيا ؛ وان عمر اية قرية عراقية أضعاف تاريخ امريكا .
ويعرف الشهداء بأن العراق مركز الحضارات الكونية  و(جوهرة الوجود)  وان الولايات المتحدة  وبريطانيا والكيان الصهيوني بوجه خاص يبغون من احتلالهم؛
ـ   تدمير عقل  العراق في العلوم النظرية والتطبيقية وتبديد قدراته المعرفية
ـ اللجوء إلى وسائط  المذهبية والفيدرالية والمجازر المدفوعة الثمن عبر (المرتزقة،  وكلاء المخابرات، احزاب الاحتلال، المليشيات، المخبر السري، قانون الارهاب) .
(2)
حطم  العراقيون  أسطورة  القوة الاعظم في العالم الرقمي المعاصر ، فلم يبق الفعل الوطني المقاوم أي خيار أمام قوات إمبراطورية الولايات المتحدة ، سوى التقهقر والانكفاء  والفرار من المدن والاختباء بالقواعد والحصون العسكرية،  تلاها الانسحاب، والهزيمة الابدية . وكانت معركتا الفلوجة الاولى والثانية ، حسب جنرالات الحرب الامريكان بمثابة  المقدمة الكبرى لهزيمة الولايات المتحدة .
(3)
تحية للجهد الوطني المرابط في عموم البلاد، وهو يؤكد  كل يوم على  الحقيقة العراقية الاولى وهي  (الوحدة الوطنية) ، بوصفها الحصن الراسخ أمام مشاريع  الفيدرالية والاقلمة والطائفية . لذلك  كان  من دواعي الاعتزاز لدى المهتمين والمتابعين  أن يحتفظ  خطاب الإنتفاضة بموضوعيته الراقية، وبحرارة همته المبدئية ، وتأكيده على إعلاء قيم المواطنة العراقية بكل ماتحمل من معان مشرقة وسلوك راق ، شهامة ونخوة وسخاء ، وان العراق كله عائلة واحدة . بوصفها الحقيقة  الراسخة منذ الازل وحتى الابد ،  التي ينبغي أن تكون حاضرة وحية  في عقل ووجدان المواطنين كافة .
(4)
ولعلنا نستذكر بمناسبة عيد الفطر المبارك ونحن نتبادل بيننا الاماني، رمزية اللحظة  التاريخية . يوم انشد جلجامش البطل السومري في افتتاحية  الملحمة الخالدة :
 (من اجلك يابلادي يستمر الوجود ويتواصل الغناء)
من أجل حرية العراق، صار جلجامش وانكيدو واحدا  بعد ان كانا خصمين وبإرادتهما الخالقة   تمكنا من الاجهاز على  الوحش (خنبابا) فحررا المدينة من الخوف، ولذات الدواعي وللاسباب نفسها ومنذ بداية الحراك السلمي، تلتحم الانتفاضة لتصبح  إرادة  صلبة  في التنظيم والتخطيط والحركة ووحدة الهدف.
(5)
ولترصين بنية الانتفاضة وتعميق مضامينها، وضمان تطورها ؛  يتعين على خطابنا كما في بدايته أن يكون جامعا مانعا:
1ـ يشدد على  نبذ كل اشكال الوعي الزائف (الطائفية ، العشائرية ، المناطقية)
2ـ لا حياة  للرافدين  ولا معنى لهما الا بحرية الشعب وبوحدة العراق المفدى .
3ـ معلوم لدى الجميع  بأن حكومة فاشية من طراز ايديولوجية لاهوتية ذات بعد واحد ، تقف بالضد تماما من رغبة  الشعب  ،  فعقب مرور ثمانية اشهر تأكد الجميع  بأن ما من إشارة إيجابية في الاستجابة للحقوق الشعبية ،
4ـ  لن يظفر المنتفضون  بحقوقهم  ولن يتم ذلك  لا بقرار حكومي ، ولا بمرسوم جمهوري  5 ـ تستخدم حكومة المالكي مايدعى بـ(التنويم) عبر سلسلة من الوعود واللجان وتصريحات كبار المسؤلين ، يتزامن معها التقاط الرؤوس ببنادق القناصة أو بالاسلحة الكاتمة، والزج  يوميا بالعشرات بذريعة المادة السحرية (4 إرهاب)
ومن هنا فإن النضال الوطني وحده فقط من بوسعه أن ينتزع  حقوق الشعب من الاباطرة والجلادين . ويجب أن نتذكر بأن  تطور الانتفاضة في الدفاع عن وجودها  ولحماية حياة أنصارها  كان مثل هذا التطور هو الذي دفع البعض تحت وطأة مجزرتي الفلوجة والعامرية  الدعوة إلى حمل السلاح، او تشكيل وحدات عسكرية من داخل الحراك السلمي لحماي الانتفاضة من نيران قوات سوات ومن الصواريخ الحكومية إذا استمرت المعادلة  
ان الصراع الدموي الذي إنتهجه منظرو حزب الدعوة في الداخلية والدفاع والمخابرات والجيوش والمليشيات، عبر مايسمى بـ(خلية الازمة) انتج اللا معادلة أو موقفا غير متكافئ  (جبروت القوة العسكرية  في مواجهة الارادة  السلمية الشعبية) وهو خيار حكومي يتواصل باستمرار ، وتصاعد في  الآونة الاخيرة  في وسائله الفاشية  واساليبه الوحشية ، حادثة قتل وحرق السجناء في نهاية تموز مثالا. وطبقا للعديد من وكالات الانباء الدولية فإن ما ارتكبه المالكي  من انتهاكات ومجازر خلال الاشهر الثمانية الفائتة  لم يعد بمقدور المراقبين  معرفة    عدد السجون والسجناء ولا اسماء  المسالخ  الدموية بعد ان فاقت ارقامها وكوارثها كل التوقعات .
فالمسلك الرسمي الذي واجه مطالب الشعب بالسخرية والاستهزاء ، ثم بالقتل الممنهج لبعض قيادات وناشطي الانتفاضة ، لم بكن في حقيقته سوى مرحلة اولية، تلتها المواجهة المسلحة والقتل الجماعي وصولا الى حرب الابادة  بكل صنوف القوة النظامية والمرتزقة، وتحويل المشاركين في الحراك السلمي الى ارهابيين!
تنقلت الانتفاضة بعد المخادعة الحكومية والتسويفات الرسمية والعنف القاهر،  من مصطلح (المطالب) إلى مصطلح (الحقوق) .. وبعد أن اعلن نوري المالكي علانية رفضه لكافة البيانات الحقوقية كان على المقاومة أن يبقى حراكها سلميا،  وان عملية  (إسقاط الفاشية المالكية وتحطيم اصنام العبودية زبانية (العملية السياسية) هو الطريق الوحيد لاستعادة الحقوق الشعبية المغتصبة ، من قبل عصابة احزاب المرابين والقتلة واللصوص، وبهذا الوعي، تقارع الانتفاضة  قوى المحاصصة  الظلامية  بأحزابها اللاهوتية  السوداء ومليشياتها الوضيعة.
تحية إلى الصامدين الابطال بوجه القهر والظلم والتعذيب من السجناء والمحتجزين نساء ورجالا          
تحية الى أم العراقيين، بغداد سيدة البلاد، منارة العلم وعاصمة العقل
لكل هؤلاء الفتية نتقدم بالتحية العراقية  الذين يمثلون ضمير شعبنا  بشهامته العتيدة  الذين  آثروا أن يبقوا حتى النهاية في الميدان من اجل الامل ، لصنع حياة كريمة تليق بالعراق الحضاري وتليق بحاضره ومستقبله ..
التهنئة بالعيد نزجيها جميعا الى هؤلاء البررة  موضع عزتنا وفخرنا
والتهنئة  لأمين وأعضاء هيئة التنسيق المركزية لدعم الانتفاضة العراقية 
والسلام على العراق الواحد
ولنجدد العزم..  لأن البحر عميق
والسلام ختام 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق