28‏/8‏/2013

ما أشبه ما يجري اليوم في محيط دمشق وأسوار بغداد

ا.د. عبد الكاظم العبودي
تزامنت المخاوف في أوساط الحكم السوري الجاثم بجوار جبل قاسيون وكواليس السلطة التي نصبها الاحتلال الأمريكي في العراق في المنطقة الخضراء بطريقة منطقية ومترابطة تشير إلى قرب حدوث انهيارات متلاحقة لسقوطهما وبدايات سقوط الإمبراطورية الفارسية الأخيرة في المنطقة، وهي في طور التشكل والتأسيس في ظل التواطؤ الأمريكي ودعم ورعاية الدوائر الصهيونية المعادية لأمة العرب.


 ولا شك في أن الرابط بين النظامين القائمين في بغداد ودمشق الآن بات يمر من خلال سلطة طهران ومخابراتها ونفوذ فيالقها الطائفية والعسكرية في العراق وسوريا ولبنان البحرين واليمن وبكل ما لديها من نفوذ وخبرات ودعم عسكري مباشر وغير مباشر لهذين النظامين.
وعندما حانت لحظة السقوط للنظامين في كل من بغداد ودمشق تقدمت إيران إلى مقدمة المشهد بطريقة توحي وكأنها باتت وحدها مركز القيادة والتدبير لشؤون ومستقبل كلا من نوري المالكي وبشار الأسد، تجلى ذلك من خلال مجموعة من المقارنات والأحداث المتزامنة في البلدين التي باتت لا تخفي على المراقبين للوضع الجاري في البلدين من ان هناك عقلا واحدا بات يفكر ويخطط وينفذ لإدارة وقيادة حروب الردة  الفارسية القائمة في كل من العراق وسوريا بالضد من تطلعات مواطنيها وشعوبها وارتباطات البلدين القومية.
 على الجبهة المقابلة تتفرج أطراف عديدة تُشير بمواقفها جميعا الى تصاعد درجات عالية من القلق من هذا التصاعد في النفوذ الإيراني في المنطقة العربية، ومنها ما ظهر في الاتصالات بين دول الاقليم وبرز الى السطح من خلال المحادثات التي أجريت في الأسبوع الماضي بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره العراقي هوشيار زيباري في سياق لقائهما وتحليلهما وتداولهما لوضع ومصير حكومة المالكي التي تعيش أسوأ أحوالها، وتخشى من حالة السقوط المحتومة التي تخشاها أيضا الإدارة الأمريكية وتليها الحكومة والقيادة الإيرانية، مما جعل علاقة الإدارة الأمريكية مع حليفها التابع والقابع بجوار سفارتها في المنطقة الخضراء تبدو أكثر حزماً، وخاصة في التعامل مع سلوكيات، من يفترض، انه حليفها بشخص نوري المالكي، المتهم اليوم بتقديم الدعم المالي والعسكري لنظام بشار الأسد بناء على رغبة  وأوامر إيرانية عليه وعلى مكونات نظامه الطائفي الحاكم في العراق ضمن صفقة أمريكية إيرانية.
 وربما سيفصل الأسبوع القادم بشكل نهائي عن جملة من التداعيات المتشابكة أمام الإدارة الأمريكية بعد حسمها وضع ومصير حكم الإسلام السياسي في مصر وإقصاء حركة الإخوان المسلمين عن الحكم وبعزل محمد مرسي واعتقاله وملاحقة جماعته.
 كما ان مستجدات المواقف في المنطقة العربية، والخليجية خاصة،  تشير إلى احتمالات لجوء الرئيس الأمريكي باراك اوباما وحلفائه في المنطقة الى تنفيذ ضربات عسكرية لنظام بشار الأسد، وكذلك الحسم في خيارات ومصير وبقاء سلطة المالكي وحكم الإسلام السياسي بواجهته الشيعية ومنع الأخير من فرصة الحكم لعهدة ثالثة في حكم العراق أو التفكير بإيجاد بديل عنه بصيغة ما يتم ترتيبها في العراق، خصوصا وان المالكي يمهد لزيارة الولايات المتحدة عارضا عليها استعداده لخدمة الأمريكيين مستقبلاً بعد أن أطلقت له المحكمة العليا في العراق قرارها بجواز بقاءه في عهدة انتخابية ثالثة إن أحسن هو وحلفاؤه تركيب ما تشتت من كياناتهم، وتنظيم ما تبعثر من أحزابهم، وجمع ما تنازعته الاطماع  الحزبية بينهم، من إنشطارات  وتشرذم حتى اضطر ما يسمى التحالف الوطني الحاكم في العراق إلى إصدار بيان ووثيقة شرف وتعاهد  أطرافه لإصلاح  ذات البين بينهم  وتدارك ما خربته أياديهم وتقاسم محاصصاتهم السياسية والريعية  ولكن  هذا سيكون متأخرا جدا، وبعد خراب العراق والبصرة كما يقال في أمثال العراقيين وقت مصائبهم.
 لم يخف ابراهيم الجعفري وتحالفه في اجتماعاتهم وحتى في تصريحاتهم تخوفهم من غدر الأمريكيين بهم، تماما كما فعلوا بمصر من خلال تنظيم ودعم انقلاب دموي قد يقوم به احد جنرالات المالكي في المنطقة الخضراء بدعم من السفارة الأمريكية، يزيح الجميع من اتباعهم كما ازاح في مصر أعتى وأقوى فرق الاسلام السياسي من السلطة الممثل بتنظيم الإخوان المسلمين. وقد عبر عن هذا القلق منذ اليوم الاول للانقلاب في مصر النائب عن التحالف الوطني  المعمم خالد العطية بقوله صراحة :  "لقد جاء الدور علينا علينا أن ندبر أمورنا بسرعة".
من هنا بدأت إيران وحلفائها في العراق وسوريا والمنطقة بوضع السيناريو الموضوع الآن للتنفيذ مباشرة في كل من العراق وسوريا في وقت واحد قبل فوات الأوان كحالة إستباقية ضد كل الخصوم المحتملين في كل بلد وفي الإقليم المجاور للعراق وسوريا.
في البدء جرى التسعير للدعاية الطائفية والتحريض على الصراع الطائفي لتحويل الأنظار عن الصراع القائم فعلا بين الشعوب وحكامها في هذا القطر أو ذاك، ثم الاندفاع ووفق خطة مرتبة الى سياسات الإلهاء في زج العرب في معارك ثانوية ذات منحى طائفي بشكل أساسي. في العراق عندما تهاوت تجربة سلطة المحاصصة الطائفية وفشل العملية السياسية وتصاعد الصراعات بين اجنحتها الى حد التصفيات الدموية والإقصاء السياسي من السلطة لصالح المالكي.
وصل الأمر بهذه الأجنحة المتصارعة ان وقفت على ركام محصلتها المنجزة في الحكم وان تعترف بعد عشر سنوات بفشلها ببناء الدولة العراقية والسيطرة على امن البلاد واعترافها بعدم وجود قيادة سياسية وطنية تحكم العراق وتتبنى تلبية مطالب شعبه وتحل المشاكل العالقة من العقود الأخيرة والغزو وتتالي  صيغ الاحتلال الأجنبي للبلاد.
 ورغم أن إيران قد كلفت ابراهيم الجعفري مرارا، باعتباره احد رجالها المخلصين في العراق،  بإيجاد حلول للسيطرة على أوضاع العراق بعد ان استفحل الاضطراب الأمني بدرجة شرسة فطرح قضية الإصلاح السياسي، لكنه قد فشل هو الآخر نظرا لتطرفه وطائفيته وحاول القفز على الاحداث بالسعي من خلال الوعود الفارغة حول المصالحة الوطنية والى تغيير خارطة التحالفات الشيعية خاصة بين أطراف كيانات العملية السياسية الطائفية والسعي الى المصالحة بينها لا الى المصالحة الوطنية الحقيقية، في الوقت نفسه كانت تجري الامور بالشكل الذي تريده إيران على يد المالكي بفرض سياسة الترويع والقمع والابتزاز والتفرد بسلطة القرار السياسي والأمني وبتوسيع دوائر ومساحات التفجيرات الدموية والإقصاء الطائفي في كل المحافظات، ومنها زرع عمليات الاحتراب والاحقاد بين مكونات الشعب العراقي التي تتم خدمة لأغراض البعد والبغض الطائفي، لجعل كل الأطراف مضطرة إلى الإصطفافات بشكل قسري لصالح الحكم، وبشكل يجعل من قضية توفير فرصة الأمن والسلم الاجتماعي بأنها الخلاص الوحيد لبقاء العراقيين على قيد الحياة والركون إلى الخضوع إلى فرض الامر الواقع، من خلال اشتداد وتيرة القمع الدموي الذي يتم  بشكل مبرمج لدفع الناس إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية أو خيار ترك البلاد والهجرة الى المنافي توقيا من شرور السلطة وتحالفاتها القمعية ضد الشعب.
 صارت ممارسات سلطة المالكي تسعى إلى فرض الانصياع للمخططات الإيرانية الهادفة إلى امتداد النفوذ الفارسي من طهران عبورا ببغداد الى دمشق وبيروت وغزة فالقاهرة. لكن وجود مناطق عربية رافضة لسلطة المالكي وبشار الاسد ولكل الطموحات الطائفية وأحزاب الاسلام السياسي باتت تعيق طموحات الامتداد الإيراني المرسوم سلفا لبناء الإمبراطورية الفارسية الجديدة. وكان استمرار الإعتصامات والتظاهرات وحتى المقاومة المسلحة ضد قبول فرض سلطة المالكي في محافظات غرب وشمال العراق جعلت من  تبني عملية " الثأر للشهداء" الأمنية فرصة إيرانية ومالكية بامتياز للانتقام الطائفي والحكومي ببغداد ومحيطها واستغلالها في توسيع دائرة الاعتقالات وتنفيذ الإعدامات بالجملة وفرض التصفيات الاجتماعية المطلوبة من خلال حملة إعلامية وعسكرية بررتها السلطة ومهدت لها على مدى شهور على المستويين الداخلي والإقليمي.
 ساهمت إيران ومرجعياتها السياسية والطائفية في قم والنجف وبيروت بتسريب أدوات الإعلام الصفوي والطائفي لما يُراد تنفيذه في المنطقة باستغلال حالة الفراغ الذي افرزه الغزو والاحتلال الامريكي للعراق وتداعيات نتائج ما أفرزه " الربيع العربي"، وتكلل الجهد الايراني اخيرا بالإيحاء بوجود خطة انقلابية تستهدف احتلال المنطقة الخضراء واسقاط العملية السياسية الجارية في العراق، وهذه العملية العسكرية الخاطفة بقيادة " القاعدة"  تسعى الى تصفية حياة نوري المالكي ورهطه الطائفي والتخلص من المرجعيات الشيعية وحل مجلس النواب والتخلص من الحكومة... الخ. ، هذه التسريبات تتم عبر فضاء الاعلام ، في الوقت الذي اندفعت فيه المليشيات الطائفية الفالتة منها  والمؤتلفة تحت قيادة ما يسمى القوات الأمنية العراقية المسلحة في حملة مسعورة للانتقام وتنفيذ التصفيات الجسدية قصد إضعاف الخصوم والمعارضين وحتى بعض الحلفاء للنظام الطائفي القائم ؛ ولكن الحملة وكما وضعها أصحابها كانت تستهدف بالأساس وخصوصا المناطق الواقعة في حزام المدن والأرياف المحيطة ببغداد أولا ثم تمتد الى  محافظات شرق دجلة وغرب الفرات فالمحافظات الوسطى والشمالية مع وضع الجنوب في حالة ارتهان طائفي وسياسي وأمني من خلال سياسات التهديد والوعيد من خطر الانفلات.
وبعد زيارة المالكي لأربيل وتسوية خلافاته مع مسعود البرزاني ثم رد له البرزاني الزيارة جاء التنفيذ العملي عندما اقتربت وحدات الجيش والبيشمركة الكردية في تماس وتعايش وتنسيق مباشر في بغداد وحزامها المجاور. وهكذا شهدت العاصمة العراقية بغداد انتشارا امنيا وإرهابيا مكثفا قل نظيره في أية عاصمة او مدينة في العالم ، ولاسيما في محيط المنطقة الخضراء، حيث جرى إغلاق جميع منافذها "تحسبا من هجوم كبير قد يشنه تنظيم القاعدة"، هكذا يتكرر القول صباح مساء ، وكما سرب ذلك الخبر بصيغته وتفاصيله الإيرانيون وتواطأ معهم في اللعبة الأمريكيون حينما أعلنوا فجأة نيتهم بغلق سفارتهم ببغداد  وتظاهروا بإجلاء جالياتهم  من بغداد وبعض العواصم في المنطقة لعدة أيام خلال شهر رمضان الفائت.
   الملاحظ إن كل التعزيزات الأمنية والإحترازية التي أُجريت لم تستطع صد أية هجمة دامية جديدة وفي أية محافظة عراقية، وفي أية نقطة قد تم اختيارها، حيث  سفكت الدماء، وبشكل لا يمكن وصفه أو تحمله.  ورغم إعلان  المالكي بنفسه : إن "جميع القوات العسكرية في بغداد والمحافظات مُستنفرة، وإنها وضعت في حالة الهجوم الكاسح"،  لكن الأمور استفحلت بشكل أكثر، حتى اختلط الحابل بالنابل بشكل مُريع وبات القدر يملي أحداثه وكأن العراق باق في دوامة من حروب وصراعات وفتن لا مخرج منها إلا بقدرة قادر أو بحضور " المُخلص" . والمُخلص هذا اختلفت حوله الرؤى والتصورات وحتى الآمال والأماني، الرجاء في مجيئه سواء في بدلة الفريق سيسي أو دبابة الجنرال جورج كيسي، ومهما كانت قدرة هؤلاء على إخراج العراقيين من هذا الجحيم الدموي المُعاش.
 بعد مضي 72 ساعة على بدء تلك العملية الدموية القذرة، والغامضة للبعض في أهدافها السياسية والأمنية والتعبوية زُج بمئات الألوف من القوى البشرية المجندة في آلة القمع ضمن قوات شرطة وعساكر وأفراد مليشيات وأعوان وعشائر وصحوات ومرتزقة وعيون وأدوات تجسسية ومخابراتية أجنبية. كما شارك فيها لأول مرة وبشكل علني فوجان من البيشمركة الكردية وصلا  إلى بغداد بعد التوصل إلى اتفاق مشترك مع حكومة وسلطة مسعود البرزاني في أربيل.
 ومع مرور الأيام وتردي الوضع الأمني الى الحضيض في كل محافظات العراق بدا للمالكي وحلفائه الكرد والايرانيين أن الخطة لا تسير بالشكل المطلوب، طالما أن التفجيرات والاغتيالات والهجمات على مختلف الأهداف، المدنية منها والعسكرية، قد طالت اغلب مدن العراق شمالا وجنوبا، ما عدا المنطقة الخضراء ومدن السلطة الكردية الرئيسية المركزية  في أربيل والسليمانية.
وفي الوقت الذي كان المالكي يهدد فيه،  بصفته القائد العام للقوات المسلحة،  بــ  "إستمرار ثأر الشهداء حتى اتمام مهمتها بالكامل"، كان يجد نفسه في موضع سياسي مقلق، إثر تزايد الضغوط المتزايدة عليه من حلفائه الرئيسيين في قائمة "التحالف الوطني"، من الذين باتوا يخشون عواقب السقوط وتصاعد ردود الأفعال الشعبية ضدهم من كل صوب، وبعد ان اعطوا للمالكي الكثير من الفرص والمهل من دون أن يتمكن من حسم أي شئ على الأرض سوى المزيد من الفساد وجرائم القتل اليومي .
الأمريكيون الحاضرون بكل هذا المشهد، يبدون للبعض إنهم غائبين عنه ولو ظاهريا، فهم كانوا يروجون وبشكل خبيث لمثل تلك الإشاعات وهم مرتاحين تماما بما يجري أمامهم في العراق وخاصة في المناطق التي طردتهم منها المقاومة العراقية، فسكتوا عما يجري في العراق من قتل ومجازر واعتقالات في محيط العاصمة العراقية بغداد، وهناك أيضا يتكرر نفس السيناريو عند محيط العاصمة السورية دمشق وكأن الامريكيين،  بسكوتهم هذا، يغضون النظرعن الدور الإيراني وتصرفات حلفائه، وقد بدا كأنه الفاعل الرئيسي المشرف على الجبهتين في إدارة معارك التطهير الطائفي والإثني في سوريا والعراق، والامريكيون بموقفهم هذا، إنما يقصدون بهذا التكتيك الى ان تتحطم قوى الجميع في المنطقة في الاقتتال الداخلي والطائفي في معارك لا طائل منها تباركها إسرائيل وبعض دول المنطقة ولتنهك قدراتهم في معارك ضارية ودموية كي يصبح التدخل الأمريكي بعدها سهلا ومن دون تكلفة بشرية، ويبدو في عيون البسطاء وكأنه الأمل المخلص المحتوم والمنقذ لهذه الشعوب المنكوبة بحكامها وقواها السياسية المتصارعة في العراق وسوريا وسائر البلدان العربية التي ابتلت بالدكتاتوريات المقيتة من كل نوع.

لكن الأمور بدت وكأنها ستخرج عن نطاقها المرسوم من خلال مشهدين في بلدين عربيين:  الأول في العراق باستمرار ظاهرة الإعتصامات السلمية في مدن الفلوجة والانبار وصلاح الدين وديالى ونينوى وانتقال هذا التململ الشعبي الى محافظات الجنوب من ناحية،  ومن ناحية بدت حكومة  بشار الأسد ونظامه يستفيدان من دعم حلفائهم من إيران والعراق وحزب الله، خاصة بعد أن حسمت معركة القصير بتحالف طائفي مسلح واضح الحضور وبشكل علني ورسمي.
 أمام هذين المشهدين حمل موفدون أميركيون زاروا بغداد مرارا رسائل تحذيرية وترغيبية في آن واحد الى المالكي وحلفائه الكرد في العراق، ومن خلال لقائاتهم بالمسؤولين العراقيين  نُقلت صور القلق الامريكي عما يجري فعلا بجانب مقر سفارتهم في المنطقة الخضراء، ومفادها بأن العلاقات العراقية ـ الأمريكية باتت على المحك في حال عدم دعم الجهود الأمريكية الرامية إلى ضرورة السيطرة الأمنية الكاملة على العراق، وضبط مسار العملية السياسية العرجاء، وفشل ما يسمى بالمشروع الديمقراطي الأمريكي الذي كرسه الاحتلال بدستور وتشريعات بريمر. يبدو ان الأمريكيين قد طلبوا المساعدة العراقية في اسقاط نظام دمشق بالتزامن مع تسريبات استخبارية تفيد بوجود خطة أميركية لتدخل عسكري محدود في سوريا. كانت وظلت السلطة الطائفية ببغداد تلعب دور البلهاء وتتصرف بسذاجة وفق ما يسمى بلعبة الغميضة حين ظنت انها خارج السيطرة والعيون الامريكية وانها باتت محمية ايرانية بالكامل رغم الامريكيين.
وفي الوقت الذي شجعت التسريبات الإعلامية على نشر صورا وأفلاما دموية نُسبت إلى ما يسمى " دولة الإسلام والخلافة في العراق والشام" والتي اتسمت بالدموية والتحريض لدوافع الانتقام الطائفي في كلا من سوريا والعراق تشجع كلا من النظام السوري والعراقي معا على الاحتماء بالمظلة الفارسية الإيرانية والتلبس معها برداء طائفي [شيعي وعلوي نصيري] لكل منهما كي يبرر كل منهما بتحيزه الطائفي والمذهبي قمع خصومه السياسيين داخل بلده وبكل الوسائل بما فيها استخدام الأسلحة الثقيلة والطائرات ولا تستبعد الأسلحة المحرمة دوليا عند الحاجة لها في التبرير والتقرير.
وفي أجواء التصعيد الإعلامي مباشرة بعد حادثة تعرض مدن وقرى غوطة دمشق إلى القصف بالأسلحة الكيمياوية اجتمعت رئاسات الأركان لعشرة دول في العاصمة الأردنية عمان بالأمس للتداول حول احتمال تعرض سوريا لضربة عسكرية أمريكية وأجنبية، وقد مهدت وسبقت لهذا الأمر تصريحات ملفتة للنظر منذ أسابيع  نُسبت إلى "رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي الذي زار إسرائيل والتقى القيادة العسكرية والسياسية الصهيونية للتداول بشأن تطورات الوضع في سوريا، كما زار الأردن وأجرى محادثات مماثلة مع القيادة الأردنية"، وقد أشارت الأوساط الإعلامية والسياسية ذات الصلة بالمخططات الجارية في المنطقة إلى: أن "هذه الزيارة ستكون حاسمة قبل اتخاذ قرار نهائي من الرئيس الأمريكي باراك اوباما والإشارة إلى احتمال تدخل الجيش الأمريكي بشكل محدود في الحرب في سوريا "، رافق ذلك تحركات لوحدات الأسطول الأمريكي ونقل قوات الى المنطقة والحديث عن قرب فتح قاعدة عسكرية أمريكية جديدة في العراق.
كما أشارت التصريحات إلى:  أن "الخطة العسكرية الأمريكية تتضمن إقامة منطقة حدود عازلة من قبل سلاح الجو الأمريكي والبريطاني والفرنسي والسعودي والتركي والإماراتي في وسط وجنوب سوريا، حيث ستضم المنطقة جميع الأراضي الممتدة من الحدود السورية ـ الأردنية ـ الإسرائيلية وحتى دمشق، كما تتضمن الخطة إقامة منطقة عازلة عسكرية في جنوب سوريا تمتد من الحدود السورية الأردنية الإسرائيلية وحتى عمق 30 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، وستصل الحدود الشمالية للمنطقة العازلة حتى الضواحي الجنوبية لدمشق وتسمح للقوات العسكرية التي ستتواجد فيها بالسيطرة بواسطة نيران المدفعية على العاصمة السورية".
وبينت المصادر حينها: إن "مدينة درعا ستعلن عاصمة سوريا المحررة، ولن تكون هناك قوات أمريكية في المنطقة العازلة، حيث قرر أوباما عدم تواجد أي جندي أمريكي، وإنما قوات خاصة من الثوار السوريين"، لافتة إلى:  أن "قوات سورية معارضة التي يبلغ عددها 3000 مقاتل ستكون قد دربت وسلحت في الأردن من قبل مدربين عسكريين أمريكيين وقادة أمريكيين يديرون من الأردن منظومة دخول هذه القوات إلى سوريا ومتابعة نشاطها العملياتي هناك، حيث أقام الجيش الأمريكي منظومة تدريبات لوجستية ضخمة داخل الأردن.
 وفي الأيام الأخيرة تم انجاز إقامة هذه المنظومة وتوفير جميع القوات الأمريكية المطلوبة وهي موجودة في الأردن، وكذلك نقلت جميع المعدات الأمريكية إلى الأردن، بما في ذلك منظومات السلاح لتدريب قوات المتمردين السوريين وتسليحهم".
هذا الأمر لم يكن بعيدا عن علم الحكومة الإيرانية وحليفتها العراقية ومتابعة خلية الأزمة الخاصة التي تتابع الوضع حول دمشق وبغداد، وفي نفس الوقت كانت تركز لدراسة ومتابعة الوضع في العراق وحول المنطقة الخضراء في آن واحد لذا سارعت إلى وضع الجميع من حلفائها الطائفيين أمام الأمر الواقع من خلال الشروع بتوسيع حملة قوات المالكي الأمنية  واستهدافها لمناطق حزام بغداد، وهذه الحملة مستمرة حتى هذه اللحظة وبتصاعد محموم، بحجة اللجوء إلى الفعل العسكري والأمني الإستباقي لما قد يحدث من هجوم محتمل على المنطقة الخضراء، مستغلة الإعلام الثقيل وخاصة بعد أن نجحت عمليات الهجوم على سجني أبي غريب والتاجي .
 في ذات الوقت اعتبرت إيران أن محيطي العاصمتين العربيتين بغداد ودمشق بات يشكل بالنسبة لها عمقا استراتيجيا وأمنيا وترى في التصدي لتلك الحالات ضرورة وجود وحدة عمليات عسكرية متماثلة ضد خصوم المالكي في العراق وبشار الأسد في سوريا فدفعت بحكومة نوري المالكي إلى التغاضي عن مرور المساعدات اللوجستية عبر العراق أو تسهيل مرور متطوعين ينتمون إلى ميليشيات شيعية من حلفائها في التيار الصدري وفيلق بدر والعصائب وحزب الله العراقي وغيرها من المليشيات القادمة من إيران بصيغ وعناوين ووسائط متنوعة للذهاب إلى سوريا بهدف ما سمي بحملة النخوة الطائفية  ونصرة اهل البيت ومساعدة نظام بشار الأسد على حماية المقدسات والمراقد الشيعية والعمل معه ضد هجومات المعارضة السورية المسلحة. وهكذا صار الدفاع عن المراقد المقدسة في السيدة زينب ورقية  في دمشق واجبا دينيا وطائفيا يتصدر كل الواجبات والمهام الاخرى.
ما كان يمر كل ذلك الا من خلال تنفيذ الوحدات العسكرية التي تدين بالولاء إلى حزب الدعوة وقيادة المالكي مباشرة لها ليخلو له الجو في اتخاذ قراراته الشخصية بفرض الولاء له حاكما واحدا  وباعتباره بات " مختار العصر"، كما سماه أتباعه بإيحاء إيراني، كحامي الشيعة وقائد لإمارة خلافتها في المنطقة الخضراء بدعم إيراني واضح وسكوت أمريكي مريب.
أما إيران فقد سارعت إلى العمل في إشغال العراقيين بكل طوائفهم ومناطقهم بحرب المفخخات وتفجيرات العبوات اللاصقة وتصدير أدوات القتل لإشغال كل مدن العراق، وظل التركيز على حماية المنطقة الخضراء بتنسيق واضح مع الولايات المتحدة وعن طريق التعاون تارة والابتزاز تارة وإظهار نية الاستعداد للتعايش من خلال الوفاق على ابقاء المالكي حاكما لعهدة ثالثة كخادم ضامن لمصالحهما معا في العراق والمنطقة .
 وأمام كل ذلك اندفع المالكي نحو تحقيق مشروع تقسيم العراق بشكل طائفي من خلال إصراره على قمع الانتفاضة العراقية وتنفيذه المجازر في الفلوجة والحويجة وسليمان بيك ومدن ديالى والمقدادية وطوز خرماتو وتلعفر وتماديه بعدم الاستجابة لمطالبها، والعمل على استمالة بعض من أبناء المناطق الغربية وشيوخها ودفع وتحريض البعض منهم الى تبني مشروع الفيدرالية أو العودة إلى تنظيم الصحوات ومجالس الاسناد وشراء ذمم بعض الشيوخ وتسعير الحملات في اتهام المعتصمين بالارهاب والتعصب الطائفي واحتضان القاعدة من جديد، في الوقت الذي عمل وحلفائه في التحالف الوطني على محاولة فصل انتفاضات واحتجاجات وتظاهرات المحافظات الجنوبية والتعامل معها بأنها مجرد مطاليب ظرفية مهتمة بتوفير الكهرباء والخدمات وردود الفعل فيها لا تتعدى سوى الاحتجاجات العامة ضد الفاسدين من المحافظين السابقين والمقاولين، في الوقت الذي اندفع حلفاؤه في العملية السياسية في تصعيد الحملات الإعلامية لفضح وإسقاط اوراق الخريف السياسي في العراق لبعضهم البعض للتخلص من بعض الوجوه الفاسدة منهم، وممن انتهت صلاحية توظيفهم سياسيا واخلاقيا في تنفيذ المهام القذرة تماما، حيث يجري فضح الغسيل القذر لهم باستهدافهم اعلاميا واجتماعيا واخلاقيا بتوظيف بعض الفضائيات المؤجرة لهذه المهمات، في الوقت الذي يسعى فيه ابراهيم الجعفري وعمار الحكيم وبقايا التيار الصدري وطاقم المالكي، كل حسب دوره، لترتيب تحالفات طائفية جديدة مُلمعة ببعض المرتزقة من السياسيين القدامى والجدد من بعض الكيانات والعناوين الكارتونية المعزولة سياسيا واجتماعيا لاظهار صورة مزورة من الوفاق الوطني في ترشيحات الحملة الانتخابية القادمة لمجلس النواب.
إن اخطر ما في المخطط الإيراني المنفذ على يد نوري المالكي  وأجهزة سلطة بشار الأسد وشبيحتهما بمشاركة واندفاع حزب الله اللبناني، وما يرتبط بهم من مال وإعلام وسلاح وتوفير جماعات مدربة هو استخدام الرعب وتنفيذ المجازر واتهام الخصوم بها، لترتيب الإصطفافات الطائفية المطلوبة اعدادها سياسيا في العراق خاصة، وفي سوريا لاحقا. في الوقت الذي تجري فيه على الأرض جرائم  تصنف كــ  "جرائم تطهير مذهبي" وابادات تتم  بريف وأسوار بغداد شمالا وجنوبا وشرقا وغربا بذريعة مكافحة الإرهاب، مع مراعاة الوضع الدقيق الخاص في مركز بغداد، وخاصة في الأحياء المتداخلة والسالكة بمنافذها نحو بوابات المنطقة الخضراء والجسور الرابطة بين ضفتي الكرخ والرصافة والطريق الى المطار ومحيط سجن أبي غريب والغزالية .
وفي هذا الظرف ولمنع الشرخ الطائفي من التمدد دعت قوى عراقية معارضة للطائفية والمذهبية، وهي تعمل في ظروف في غاية الصعوبة في إطار استمرار الاحتجاجات المشتعلة التي شهدتها بعض أحياء بغداد، وخاصة في مناطق الاعظمية والعامرية والمنصور والعامرية وزيونة والغزالية وحي الجامعة والصليخ والسيدية وغيرها بغية استمرار التواصل الوطني ومواجهة الاتقسام الاجتماعي من خلال الدعوة إلى صلوات الجمعة الموحدة وتنظيم التظاهرات المناوئة لحكومة نوري المالكي في الأحياء الشعبية وبعد كل صلاة جمعة، والتي تداعت جهودها إلى اختيار يوم الحادي والثلاثين من آب الجاري 2013  داعية إلى تظاهرات سلمية ومطلبية، شعارها الاساسي الغاء تقاعد النواب والوزراء وذوي الدرجات الخاصة والإنصاف لحقوق المتقاعدين والفئات الاجتماعية المسحوقة... الخ. لكن المنظمين والداعين لتلك التظاهرات لا زالوا في متاهة المراجعات في دهاليز وزارة الداخلية وادارات المحافظات  ولم يحصل أي من منظميها حتى اللحظة أية موافقة من وزارة الداخلية، لان الوزارة القمعية والوصية بادارة المجرم عدنان الأسدي مدركة تماما ان تلك التظاهرات لا يمكن السيطرة عليها مطلقا، وستكون خارج انضباط أحزاب السلطة وتحالفاتها وحتى أنصارها في الشارع، وان الدافع الرئيسي للتظاهر هو  رفض الاجراءات "القمعية" في بغداد واستنكار استمرار "غزوة الجرذان"  للمالكي التي ينفذها بعنوان طائفي مقيت " الثأر للشهداء " وتجتاح قواته القرى والبلدات والمدن المحيطة بأسوارالعاصمة،  المتهمة من قبل إيران وحكومة المالكي أنها من مناطق " حاضنات الإرهاب"، كما أشار إلى ذلك المسؤولون الإيرانيون ووصل الامر ان عرض قادة ايران بما فيهم الخامنئي تقديم المساعدة العسكرية والأمنية والتدخل العسكري، إذا لزم الأمر بحجة حماية بغداد والعتبات المقدسة ولمنع امتداد الانتفاضة العراقية وفصائل المقاومة العراقية من الوصول الى بغداد، فيما لو تقررت ساعة الصفر والثورة الشعبية المنتظرة لإسقاط سلطة المنطقة الخضراء والنفوذ الايراني وتبعات الاحتلال الامريكي في العراق .
 لقد وصفت خطب الجمعة الأخيرة في معظم مساجد العراق : إن ما يجري في العراق بأنه : "الكارثة التي وقعت على أبناء الشعب، وهي وجود جيش ينفذ أجندات حزبية وسياسية، ويعتقل المئات من الأبرياء من دون ذنب، ليزج بهم في السجون والمعتقلات، وخصوصاً الجرائم التي وقعت على مناطق حزام بغداد من قبل الجيش والميليشيات"،  وكانت أغلب الخطب تشير إلى:  أن "المالكي وحكومته يسعون إلى تشويه الحقائق وافتعال الأزمات والمشاكل، كي لا تنفذ مطالب المعتصمين" ، ولمتابعة عديد الخطب على لسان اغلب خطبائها ومتحدثيها في المنابر وبعض الفضائيات بشمال وجنوب العراق نسمع صوت العراق الحر من خلال: :  " نحن نؤكد صبرنا حتى تنفيذ الحقوق وفق القانون والدستور" والاستمرار على تبني التظاهرات السلمية والخيار المعتدل في الحوار الوطني، مهما غالت السلطة في قمعها واعتقالاتها وأدارت ظهرها عن الاستماع الى صوت الحق والشارع المتظاهر من اجل الحقوق منذ أشهر طويلة في ساحات العز والكرامة.
استنادا إلى تقارير متسربة عن لجنة الأمن والدفاع  وبتصريحات منسوبة منها الى النائب مظهر الجنابي:  إن اللجنة " تتابع بقلق حملات الاعتقال الجارية في محيط العاصمة الشمالي والغربي". وأضاف الجنابي:  إن "المعلومات المتوافرة لدينا تؤكد اعتقال مئات المواطنين في فترة قياسية جداً، ما يثير الشك في تنفيذ الاعتقالات من دون أوامر قضائية". و أوضح:  أن "ذوي المعتقلين لا يعرفون عنهم شيئاً ولم يتم الاتصال بهم". واشار الجنابي:  الى أن "قوات الأمن تحاول تغطية فشلها في حماية بغداد من التفجيرات وحادثة اقتحام سجني التاجي وأبو غريب وهروب المئات من السجناء من خلال تنفيذ عمليات اعتقال متسرعة تثير القلق" ، كلها تفضح عجز السلطة من جهة، وفساد جهازها السياسي والإداري والأمني.
 تفيد البيانات الصادرة عن قيادة العمليات:  إن عدد المعتقلين أكثر من 800 منذ اكثر من اسبوعين، مصنفون امنيا ما بين مطلوب ومشتبه به، لكن التقارير المنصفة تشير الى تجاوز رقم المعتقلين الى عشرات الألوف، غالبيتهم قُبض عليهم بموجب تهم جاهزة في المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب. ووصل الأمر بخطباء الجمعة في ساحات الاعتصام في الأنبار وصلاح الدين وكركوك، قد وجهوا انتقادات إلى السياسيين من مناطقهم ومن المحسوبين على أهل "السنّة " في الحكومة والبرلمان بسبب ما اعتبروه سكوتاً عن عمليات الاعتقال الجارية في بغداد، وطالبوهم بموقف حازم منها ووصل الأمر إلى إدانتهم ومهاجمتهم في الإعلام والمنابر والخطب والبيانات.
معركة حزام وأسوار بغداد هي نفسها معركة حزام دمشق تسعى الخبرات والمخابرات الإيرانية على الجبهتين التي تشرف عليهما بتنفيذ ذات المخطط، هنا وهناك، الى محاولة استغلال ما يسمى " الحرب الاستباقية على الإرهاب" الى تنفيذ  أوامر القيادة الطائفية لأتباعها من القادة  الميدانيين، بما يسمى مبدأ وضرورة  "مسك الأرض" ؛  أي الاحتفاظ بها بكل الوسائل، إن لم يتم حرقها وهدمها وطرد سكانها ؛ إذ تُفيد المعلومات الواردة  والمتسربة للإعلام من مكتب المالكي، بأن القيادة العسكرية العليا التي يترأسها بنفسه، باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، أصدرت توجيهاتها إلى القيادات الميدانية بضرورة " مسك الأرض ، في المناطق المؤمنة بعد تطهيرها من الزمر الإرهابية" ، وهي تعليمات لا تخلو من تعليمات ضمنية بالسماح بالإنتقام وتنفيذ التصفيات الجسدية وافتعال الأزمات والتهم الكيدية والتدخل العسكري والمليشياوي الصريح وفرض التهجير والتطهير الطائفي وحتى الإثني بالتواطؤ مع المليشيات الكردية ،كما هو الحال في مناطق الشبك بنينوى والمقدادية وطوز خرماتو ومناطق من ديالى. وتستمر الحملة في شمال بابل وجنوب وغرب بغداد عند الدورة وجرف الصخر والهورة ومناطق العامرية والغزالية وأبي غريب وغيرها في جنوب بغداد كالمدائن وصولا إلى  أطراف من محافظة واسط .
 عند مقارنة ما يجري في العراق بحزام اسوار بغداد يذكرنا الحال بالتطابق بما يجري في سوريا، وخاصة بحزام دمشق وأرياف غوطتها ، ويلاحظ وبنفس الفترة والتزامن شنَّ الطيران الحربي التابع لنظام  بشار الأسد قصفًا عنيفًا على مناطق عديدة بريف إدلب ودمشق خاصة. كما تم قصف حي جوبر بالصواريخ بريف دمشق، مما أحدث دمارًا هائلاً بالحي، يُذكر بمشاهد المدن المقصوفة في الحرب العالمية الثانية. ولم تتوان القوات السورية عن استعمال الطائرات الحربية الحديثة لقصف مدينة أريحا في ريف إدلب مستعملة البراميل المتفجرة والقنابل العنقودية، كما تعرضت مدن وقصبات بريف دمشق - وهي حرستا وداريا ومعضمية الشام ومزارع مدينة رنكوس ويبرود بمنطقة القلمون والغوطة الشرقية - لقصف من الطيران الحربي السوري وقصف الدبابات والصواريخ والمدفعية. كما حاولت قوات النظام اقتحام بعض المناطق بالتزامن مع قصف مكثف لبعض أحياء دمشق نفسها.
 في الحالتين نسمع عن إعلانات قيادات الجيوش العراقية والسورية عن أرقام وإحصائيات وصور لأكداس من عتاد وأسلحة مستولى عليها، والبيانات الحكومية غالبا ما تشير الى انتصاراتها وإلى تدمير مخابئ منسوبة الى  " القاعدة" و" لجيش النقشبندية"  في شمال بعقوبة وجبل حمرين وشرق دجلة في العراق، وهناك أيضا وبنفس أسلوب وصياغات البيانات العسكرية والأمنية نسمع عن القضاء على مواقع منسوبة الى "الجيش السوري الحر"  و" تنظيم القاعدة"  و" جيش النصرة" و " دولة العراق والشام الإسلامية" وغيرها من الأسماء وبيانات الاستيلاء على الأسلحة والمعدات والمعامل ومصانع العبوات الناسفة... الخ. وفي الوقت الذي توفرت فيه المعطيات داخل العراق عن اشكال من التنسيق والدعم والتسليح للقاعدة من قبل الحكومة الايرانية تستمر كل تلك الحملات الحربية وإعلامها في محاربة القاعدة وهو الشغل الشاغل لحكومة لمالكي وبشار الأسد تتم بشكل متكرر ورتيب وممل  لكي تتنفس كائنات المنطقة الخضراء  في بغداد و القصور الرئاسية في اعالي جبل قاسيون  في دمشق  الصعداء وحتى يتم ترتيب سياسي أو أمني آخر بعد تغير الظروف الدولية والإقليمية المحيطة بالبلدين بمساعي روسية وصينية وايرانية لتثبيت أمثال هؤلاء المجرمين حتى لو ابيد الشعبين العراقي والسوري من على وجه الارض.
 هل أن ما يجري في محيط بغداد ودمشق من عمليات عسكرية وحملات أمنية صدفة وخاصة عندما اتخذت الحملات طابعا انتقاميا، وصل إلى استخدام الأسلحة الكيمياوية في غوطة دمشق وجوبر، وأيا كان فاعلها في سوريا او غيرها،  لكن يبقى التهديد باستعمالها في العراق خلال هذا الأسبوع ببغداد والترويج الواسع لهذا الخبر بات مريبا جدا،ويدعو الى القلق، خصوصا عندما يُروج الى ذلك بإعلام السلطة الطائفية في العراق، ومنها قناة "بلادي" و " الفرات العائدة لإبراهيم الجعفري وعمار الحكيم، ونسمع منهما تصريحات منسوبة إلى سامي العسكري، احد قادة حزب الدعوة، والنائب الصامت منذ فترة طويلة في البرلمان الحالي، وكلها تصريحات يُشم منها ما سيكون مُرتقبا وهو سيكون الأسوء والأفضع لو حدث في العراق، وهذه تصريحات تحاول الإستباق للحدث، وتتم على طريقة ما جرى في ريف غوطة دمشق بالإعلان:  بان تنظيم القاعدة في كل من العراق وسوريا قد تحصل على أسلحة، ومنها موادا سامة وكيمياوية، ويهدد باستعمالها في العراق. ووصل الامر بتصريحات ضباط المالكي الادعاء ان تنظيم القاعدة في العراق قد صنع طيارات تتمكن من الإقلاع بدون طيار، وتقوم باداء مهمات قتالية والتصوير من الجو والعودة الى قواعدها .. الخ ، تماما كما يظهر إعلام النظام السوري صورا لمخازن  وبراميل مكدسة في المخازن، قيل عنها أنها مواد تصنع منها القنابل والأسلحة الكيمياوية.
 وبطبيعة الحال ان تلك الصور والتصريحات تظهر بشكل متزامن كأخبار عاجلة على شاشات فضائيات تنتظر الايعاز لها لتنشره كخبر عاجل مثل فضائيات العالم والميادين والمنار وبعدها تتوالى في النشر بقية من عشرات الفضائيات الطائفية التي تمولها ايران بشتى اللغات واللهجات ومن اجلها مولت اطلاق تابع فضائي خاص بها .
 ان العودة الى ربط ظهور الكيمياوي بصدام والتذكير بحلبجة والأنفال يتم بشكل مقصود لشيطنة قوى المقاومة العراقية من ناحية، والمعارضة السورية. وإستدراكا لمراحل الحرب الإستباقية الجارية في البلدين، فيما لو أقدمت تلك الأنظمة الى اللجوء لاستخدام الأسلحة الكيمياوية، السورية منها أو الإيرانية يجري التخويف والتلويح بقرب الحدث وكأنه خبر يقين. لقد مثل ظهور النائب سامي العسكري البارحة وهو يتحدث عبر فضائيات طائفية عن امتلاك القاعدة للأسلحة الكيمياوية وما تردده وعلى نسق وموال واحد فضائيات تابعة لأحزاب التحالف الوطني الطائفي بقيادة إبراهيم الجعفري بالتبشير لقرب حدوث ضربة كيمياوية محتملة للقاعدة؛ انما هو من باب التهديد المبطن لتكرار ما حدث في ريف غوطة دمشق قبل أيام بتمكن الجناة من إزهاق أرواح الأبرياء بغازات السارين او غاز الخردل او غيرها من خزين الترسانات العسكرية حتى تجاوز الرقم 1300 ضحية اغلبهم من الأطفال، إضافة الى الألوف الأخرى من الضحايا الموزعين في الردم والمساكن والاحياء المهدمة بشكل كامل والتي يستعصي علاجها أو حتى إيصال ابسط المواد الطبية لها كالاتروبين والإيفدرين والبرابونولول ، ناهيكم عن توفير قناني الأوكسجين الخاصة بالاسعافات الاولية لمثل هذه الحالات .
  الغريب ان الإعلام العراقي والفضائيات التي تمولها إيران، وفي مقدمتها منها المنار والميادين والعالم تنقل مزاعم منسوبة لجماعات لا يخجل ان يوصفها الاعلام الفارسي " الاسلامي " بـ "الجهادية"  ويشير اليها انها جماعات تقاتل في سوريا، ويحملها الادعاء بمسؤوليتها عن استخدام السلاح الكيماوي في ريف دمشق قبل أيام. ويستشهد البيان المنشور عبر تلك الفضائيات، بالآية 17 من سورة الأنفال. ومن الطبيعي وفي وسط هذه الضجة الإعلامية ، بين متهم ومستنكر،  لا يمكن التحقق من دقة  مثل هذا البيان وغيره أو حتى معرفة انتماء الجماعة التي تبنت استخدامها للسلاح الكيماوي لقتل أطفال وشيوخ سوريا وبهذه الخسة والإجرام الرخيص. كما لا يمكن اعتبار ما ينشر على المواقع الالكترونية والفضائيات الطائفية اعترافا كاملا بنوع السلاح المستخدم وتصنيفه بالكيمياوي، بالاستناد إلى جملة  او عبارة جاءت في سياق البيان المذكور وفيها العبارة التالية مثلا :   " يسّر الله... مرة اخرى.. من (استخدام) جهاد غير تقليدي ضد مرتزقة النظام وأعوانه في ريف دمشق". بطبيعة الحال لا بد ان ننوه من جديد الى استذكار قصف مدينة حلبجة العراقية بالاسلحة الكيمياوية وما رافقتها ولا زالت حملات اعلامية الى اليوم رغم كل الدلائل التي توفرت وتحققت بشكل لا لبس فيه ان السارين المستخدم في جريمة حلبجة كان ايرانيا بامتياز، وان القصف تم من جهة ايران، فهل ستمرر الجريمة في غوطة دمشق بنفس الاسلوب والسيناريو. سننتظر وسوف لن يطول الانتظار هذه المرة في سوريا والعراق معا.
هذا الإعلام والتصريحات والقرائن المتداولة لا يمكن فصلها عن تصريحات قائد عمليات بغداد الفريق الركن عبد الأمير الزيدي، الذي لازال يكرر القول: " ان عملية ثأر الشهداء لم تأت كرد فعل تجاه عمل معين أو جرائم، مُشيرا إلى أن القيادات كانت قد خططت لهذه العملية مسبقا، بناء على معلومات إستخبارية ووقائع ومعطيات على ارض الواقع".
وأكد  الفريق الزيدي في حديثه لـ " المركز الخبري لشبكة الإعلام العراقي" :  " إن عمل قاطع عمليات بغداد يدخل ضمن مجال نطاق مناطق حزام بغداد التي تشمل مناطق التاجي وأبو غريب وجنوب بغداد والنهروان والمدائن، موضحا انه محيط ذو طبيعة جغرافية معقدة ومناطق زراعية كثيفة وبساتين وبزول وقناطر اروائية تساعد الإرهابيين على الغش والاختفاء وتأمين حركة العدو، وخلقت مناخا آمنا لتفخيخ السيارات وتدريب الإرهابيين وتصنيع العبوات ومهاجمة المدن وتأمين اتصال وارتباط بين القواطع المجاورة، مثل اتصال مناطق بغداد بصلاح الدين والأنبار ذات المناطق الصحراوية التي تساعد على التنقل لما فيها من تعقيدات أرضية ومقالع وتلال وتحتاج إلى كم هائل من عناصر القوات الأمنية لتأمين حماية المدن".
ان عبارة " الحاجة الى الكم الهائل من عناصر القوات" ستبرر يوما  للزيدي وأمثاله من مرنزقة جيش المالكي استخدام الأسلحة الكيمياوية في مناطق متهمة سلفا انها من " حاضنات الارهاب" التي يدعو المالكي حولها كل دول العالم لمساعدته في الهجوم عليها وتخليص العالم من شرورها، كما جاء في خطبته الأسبوعية الجديدة تقليدا لاسياده الامريكيين في التخاطب مع شعوبهم والعالم.
يضيف الزيدي في تصريحاته :  إن هذه المعلومات تأكدت ودخلت حيز التنفيذ وتصاعدت من خلال عمليتي سجن ابو غريب والتاجي، اذ تمكن العدو من مهاجمة المنطقتين والتملص، فاصدر حينها القائد العام للقوات المسلحة قراراً بشن هجمات أمنية وتنفيذ عمليات عسكرية على تلك المناطق لتطهيرها وإفراغها من التنظيمات الإرهابية والسيطرة عليها بالكامل، منوهاً بان العمليات انطلقت في الأول من شهر اب الحالي وقد حققت نتائج كبيرة جداً، كما تمكنت القوات الأمنية من الوصول إلى مناطق تستخدم لتمويل العمليات الإرهابية، كمنطقة الهورة والبحيرات الواقعة شمال الطارميه ، التي تعتبر منطقة الانطلاق لتنفيذ العمليات الإرهابية باتجاه الطارمية والمشاهده من خلال تهديد المواطنين وفرض الإتاوات.
لا ندري هل فات على الفريق عبد الامير الزيدي العلم بخبر غرق الباخرة الإيرانية هذا الأسبوع والتي هرب قبطانها الإيراني منها بعد افتضاح أمرها بحملها سيارات جرى تفخيخها مسبقا داخل ايران، واضطرار بحارتها الى الهروب منها هلعا من احتمال انفجارها بهم ، هرب القبطان الايراني تاركا إياها تغرق بشكل متعمد في وسط المياه العراقية، وهي محملة بعشرات السيارات المفخخة الجاهزة للتفجير في اية لحظة لقتل العراقيين. وهل سينكر المالكي وقيادته للجيش: ان تلك السيارات القادمة من إيران كانت ضمن مفردات الخطة المعدة من قبل قيادة قوات بغداد أو دجلة أو الأنبار، وهناك سيتم توزيعها كهدايا وايصالها الى الاهداف المحددة سلفا. ولا احد سيعرف من مستخدميها ومالكيها الجدد متى وكيف ستتم بها عمليات التفجير المطلوبة في المناطق المختارة بدقة . ولا شك سيتم ذلك بعلم عيون السلطة وبضغط الاصابع الايرانية على زناد التفجير المطلوب في الوقت والمكان والهدف المحدد.
اختار المالكي مقر القيادة التي تشرف على عملية ما سمى " ثأر الشهداء"  في منطقة التاجي، شمال العاصمة بغداد ، حتى قبل حدوث مجزرة سجن التاجي، الذي لم تفتح بواباته لهروب السجناء بسبب مقاومة الحراس ولوجود السجن ضمن مجال حماية الفيلق العسكري المكلف بحماية بغداد، ولم يتسن للسجناء الهرب كما هو الحال مع سجن أبو غريب، ولكن رصاصات الموت والغدر والتشفي الطائفي كانت تختار من تريد قتلهم وإعدامهم على الهوية في تلك الليلة الرمضانية الدموية السوداء في فضاء السجن وحول ابوابه للتستر على الجريمة بحجة محاولة الهرب، بعدها يظهر نوري المالكي، بصفته رئيس الحكومة، والقائد العام للقوات المسلخة، وهو يتجول مع عدد من قادته الأمنيين في تلك المناطق ويهذي بكلمات من مثل " حالق ماحق" ولم يفهمه احد من مستمعيه بماذا يقصد بهذه الكلمات والهذيان الدموي؟ ،  كان ذلك في يوم 5 آب 2013 الجاري، ظهر المالكي في ندوة وفي قاعة حرص على اظهار وجوه مساعديه في الجريمة وكان يحثهم على:  "بذل جهود كبيرة لتحقيق الأمن"..
من شمال العاصمة بغداد حدد المالكي خطوط دفاعاته لحماية سلطته في المنطقة الخضراء حين قال لعدد من كبار الضباط والقادة ومستشاريه العسكريين: "هذه أهم معركة ضد القاعدة.. عليكم كسبها هنا.. في أسوار بغداد"،  همذا وبالنص قالها كما نقل عنه ضابط رفيع المستوى في سلم الاجرام المالكي كان من بين الحضور بين ضباطه .
في مساء اليوم ذاته، فجر المسلحون المجهولون نحو عشر سيارات مفخخة في العاصمة بغداد. وأعلنت وزارة الداخلية العراقية، في بيان متتالية : أن التفجيرات  تمت إما بعجلات ملغمة في 7 مناطق داخل العاصمة، أسفرت عن مقتل شخصين اثنين فقط. كانت مهزلة إعلامية من طراز خاص كأكاذيب مصدر التفجيرات وضلوع القاعدة والبعث الصدامي ودولة الخلافة الإسلامية في العراق، حتى أرقام الضحايا باتت عرضة للتزوير والإنكار، لكن هناك إحصاءات مختلفة جمعتها الوكالات الإخبارية وفي نفس الوقت ، ومنها رسمية وغير رسمية، أظهرت سقوط نحو 60 قتيل ومئات الجرحى الذين كانت اغلب حالاتهم ميئوس من شفائها .
 تلك الحادثة وطبقا لشهادات وتصريحات ضابط عالي الرتبة في وزارة الدفاع، قال :أن المالكي شعر يومها بالإحباط الشديد من سوء إدارة الملف الأمني". وقال ذلك المسؤول، الذي يشغل موقعاً أمنيا ووظيفيا هاما في فريق المالكي :  إن "المالكي اخبر، يوم 11 آب 2013 ، فريق مكتب القائد العام للقوات المسلحة بأنهم لا يعرفون شيئاً عن الأمن، وان الاستخبارات التي يديرونها فاشلة ولم تقدم أي فائدة للحكومة"، وتابع المسؤول الأمني:  "في الحقيقة.. كانت ليلة صعبة بالنسبة للمالكي"..
وقال مصدر، وهو برتبة عميد في مقر وزارة الدفاع العراقية، إن "معركة كبرى تجري الآن في محيط بغداد، مع حشد غير مسبوق من مسلحي تنظيم القاعدة، ".في الوقت الذي كان الإعلام العراقي لا يُظهر سوى سيارات الدفع الرباعي والهمرات مندفعة في أرياف محيط وشمال بغداد في صور استعراضية وعليها مرتزقة المالكي وهم يهاجمون على الطريقة الأمريكية وعصابات شركة " بلاك ووتر"  القرى والبيوت الآمنة ويعتقلون من يصادفهم من أبناء تلك المناطق، حتى وصلت بهم الأمور الى حمل أبقار وحيوانات ودجاج المزارع، كما استولوا على مدخرات الناس واموالهم ومدخراتهم، وساوموهم على دفع الأموال والإتاوات و"الخاوات" مقابل مجرد الإبلاغ عن مصير ومكان اعتقال أبنائهم في المعتقلات السرية الجديدة.
 والغريب في تفسير حكومة بغداد واعترافاتها: إن ما يجري من أعمال شائنة، وبهذا التوقيت يتزامن مع ما يجري في سوريا، ويستندون إلى ما تردده الإذاعات الإيرانية من ان : "جهاز مخابرات أجنبي اطلع مكتب المالكي على ملف معركة محيط بغداد، والتي تتضمن نية تنظيم القاعدة تنفيذ اكبر موجة أعمال عنف في البلاد منذ 2003، تهدف إلى فرض واقع حال جديد على الحكومة العراقية لمنعها من دعم بشار الأسد، الرئيس السوري، مقابل تطبيق هدنةٍ في داخل العراق"..
وبطبيعة الحال فان العراقيين هم أدرى بشعاب وسكان بلادهم، ومثل هذه الروايات التي تسوقها القيادات الأمنية العراقية والإعلام الإيراني ومراكز دراساته ورصده بطهران وبيروت، وما تتصدر به من تحقيقات ندوات ومقابلات فضائيات المنار والميادين والعالم وتحبير تقارير مراسليها الطائفيين لا تجد صدى مقبولاً في الرأي العام المحلي في العراق ولا حتى في سوريا المنكوبة، بسبب حجم الخسائر المدنية التي مست كل نواحي الحياة في العراق وسوريا ، جراء أعمال العنف التي تقوم بها الجماعات المسلحة التي تشرف عليها المخابرات الإيرانية وبعبث جرائم فيلق القدس وأتباعه المحليين في محيط بغداد ودمشق الجريحتين.
 إن فلتات لسان قادة القمع من العسكريين المشرفين على حملة غزوة أسوار بغداد تعكسها تصريحات عبد الامير الزيدي:  ان"عمليات ثأرالشهداء صحيحة، لكنها بدأت في الزمن الخطأ، وذكرت قبل عامين أن هناك قتال على أسوار بغداد، وكان ينبغي أن تتحرك القوات الأمنية قبل أن تبني القاعدة قواعدها في الانبار والمنطقة الغربية، ومنها الثرثار"، وواضح من هذا الكلام  للزيدي انه كان يتوجه بالتملق والنصيحة لقوات الاحتلال الامريكي المهزومة امام ضربات المقاومة العراقية، وهي في مرحلة إتمام انسحابها المخزي من العراق بأقل الخسائر الممكنة.
  تتكرر مثل تلك التصريحات وغيرها، وهي نفسها ما تقولته الإشاعات والدعايات الأمريكية والإيرانية خلال السنوات السابقة، بما وصفته للمناطق الثائرة ضد الاحتلال وبنعتها بـ  "مثلث الموت" تارة  أو "المثلث السني " تارة أخرى، بغية وصمها بالطائفية او لعزل المقاومة العراقية آنذاك عن الوصول إلى عمق تواجد اهلنا في جنوب الوطن الذي أسرته وحيدت جزءاً الدعايات الإيرانية وخذلته فتاوى المرجعيات الطائفية، ومنعته المليشيات العميلة والمرتبطة بالاحتلال من الالتحاق بالمقاومة ضد الأمريكيين وصنائعهم بكل وسائل القمع والتهديد والاجتثاث والإقصاء والمطاردة.
 هاهي نفس الدعايات تعيد نفسها وتتضاعف معها سلسلة التفجيرات الدموية في كل أنحاء العراق، وخاصة في العاصمة العراقية بغداد، حتى باتت إحدى خرائط محرك البحث المعلوماتي لجوجول لا تتوانى عن إظهار كل محلات وأحياء وأطراف بغداد وهي تمتلأ ببقع حمراء منتشرة فوق خريطة بغداد المدماة، إشارة إلى حدوث عشرات الألوف من المناطق الحمراء، مشيرة الى مواقع التفجيرات والهجومات والاغتيالات والحوادث الدموية فوقها، وما خلت منها إلا منطقة صغيرة ضمن شبه جزيرة الكرادة ومحنى دجلة فيها التي ظلت كمنطقة خضراء من دون ظهور لبقع الدماء، كما هو حال من حولها. لكن الاكتشاف العبقري لخيبة عسكر المالكي، ومنهم الفريق الزيدي يذهب إلى أغرب الفرضيات التي علمها له الايرانيون في بغداد ودمشق بقوله معترفا:  انه"كان من المفترض أن نبدأ من قبل بغداد وننتهي في المحيط ، ولكنه في العملية الحالية، تُرك قلب بغداد وبدأت  العملية في محيط بغداد.
يؤكد الزيدي:  إن" الحدود السورية تشهد في الليل غياب القوات الأمنية مما يجعل الإرهابيين اللاعب الأول فيها ليلا والقوات الأمنية في النهار، لذا يمكن أن يتم من خلالها تجفيف منابع الإرهاب"..
 وكما تقدم اعلاه يبدو:  انه بات واضحا إن  خطة عمل الحكومة الطائفية الحالية تسير وفق منهجين: الأول:  إفراغ حزام بغداد من أهله والعمل على طردهم واعتقالهم والتنكيل بهم من أجل أن يرحلوا من مساكنهم واراضيهم؛  بغية تنفيذ خارطة طائفية جديدة مطلوبة ايرانيا ، والثاني إعادة ملء السجون من هذا المكوّن العربي الرافض والمقاوم للاحتلال والعملية السياسية الفاسدة، وبعدما هرب من هرب من أبناء العراق بفعل استمرار سياسة القمع والتنكيل ضده، وهناك من تم إعدامه واغتياله وفصله عن وظيفته ، وهم بمئات الألوف ، وهناك من تم زجّه في السجون عنوة وظل في الاعتقال لسنوات طويلة من دون محاكمة.  
حقا إن الصنائع الإيرانية الجدد، ممن نصبوا أنفسهم بدعم الحراب الأمريكية بصفة ولاة إيرانيين في الدولة الصفوية الجديدة وتمكنوا من السيطرة على بعض الأمصار العربية ضمن توسعات الإمبراطورية الفارسية الجديدة من أمثال نوري المالكي وتُبعهم مثل  بشار الأسد وحسن نصر الله الذين باتوا يقاتلون شعوبهم على أسس طائفية وعقائدية، وهم وكما ينعتهم الإعلام العربي والعالمي المحايد والموضوعي خونة للتراب الذي ولدوا عليه. ففي مدينة الفلوجة في محافظة الأنبار، ودرعا في جنوب الشام ظهر المالكي يحكم البلاد بطريقة طائفية مقيتة وغير عادلة ومنحازة، ويتبعه في التقليد الأعمى بشار الأسد وفي معركة القصير بسوريا برز حسن نصر الله وحزبه مدافعا عن المحميات الطائفية التي سميت بأسماء لم تعرفها بلاد الشام من قبل.
المالكي ومن ورائه إيران ، ومعهم فيلق الإعلام الطائفي لم يخجلوا من اتهام بقية الدول العربية وتركيا في التدخل بالشأن العراقي؛ متحججين بفرية يضحك منها العالم من : ان هذه الدول تخشى من انتقال تجربة العراق الديمقراطية الرائدة في المنطقة إلى دول الجوار العربي، بينما لازال بشار الأسد يتحدث عن دور سوريا في مقاومة العدوان والثرثرة الفارغة عن جبهة الممانعة والمقاومة ورفض التطبيع مع العدو الصهيوني، وكذلك يفعل حسن نصر الله، وفي كل منهما يرى في عاصمته ملكا أو عقارا طائفيا له ولأتباعه وحزبه، حين غيبوا صفة وحق المواطنة عن غيرهم من سكان البلاد وأهلها.  وقد تعاملوا مع  مناطق جوار تلك العواصم المحاصرة بغضب الشعوب في سوريا والعراق وكأنها باتت مناطق حمراء ودموية لا تستحق البقاء آمنة في ظل سلطاتهم، فلا بد من سحقها بعمليات عسكرية إستباقية وهو ما يجري اليوم أمامنا.
وفي كلتا الحالتين تتكرر نفس المشاهد ونفس الأسلوب وبنفس الإعلام، مما يعني أن المخطط والمشرف على التنفيذ له بات واحدا، ولا تبتعد الشبهات ابداً عن دور النظام الإيراني وحلفائه المحليين في ذلك.
 وكما كان يقول الفريق عبد الأمير الزيدي يُكرره ضباط  الجيش السوري من:  أنهم  اتخذوا  القرار بعملية عسكرية إستباقية، حددوا زمانها وحدهم ، بعد رصد جميع التجمعات والأهداف لها. ويتلخص هدف العملية الأخيرة في سوريا بمحاولة كسر العمود الفقري للمسلحين في ريف دمشق وإبعادهم عن أحياء العاصمة التي بات الوصول إليها بمثابة الحلم الذي يراود قادتهم،[حسب تعبير ناطق السلطة السورية العسكري]... واستكمال الطوق الأمني المضاعف، وعلى شكل نصف قوس يقابل الطوق الأمني المفروض من الغوطة الشرقية. هذا الطوق الأمني يحيط بالعاصمة دمشق من الداخل، ويتلاقى مع الطوق الأمني المفروض في الغوطة الشرقية في نقطة الطريق الدولي الواصل حمص بدمشق .
 هي نفس تصريحات ناطقي وعسكر جيش نوري المالكي بكل ما يجري في محيط بغداد من المدائن الى بعقوبة وحمرين وكركوك مرورا بشمال بابل فالانبار والفلوجة وصلاح الدين وبيجي نحو نينوى. والسؤال المنطقي هنا: وما ذا بقي من تلك البلدان وهذه المناطق محتلة عسكريا ومدمرة حسب الطلب الايراني رغم انها  كموقع الرئة من القلب بالنسبة لبغداد ودمشق.
التصريحات هنا وهناك باتت واحدة : هو فك عزلة العاصمة للحاكم عن محيطها بإستراتيجية الهجوم قبل الدفاع  خصوصا بعد ما تسرب عن حكاية المؤامرة المزعومة في المنطقة الخضراء، وحول ما كان يقال ما يجري حول محيط جبل قاسيون واحتمال حدوث الانقلاب العسكري بدمشق أو هجوم وشيك للقاعدة خلال الأسابيع الماضية في كل من بغداد ودمشق.
يذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان: أن القوات النظامية السورية أطلقت صواريخ على الغوطة الشرقية في ريف دمشق التي تعرضت لهجوم يشتبه في أنه كيميائي يوم الأربعاء الماضي أدى إلى مقتل المئات . كان نفس القول تردده فصائل ووحدات سوات والذئب التابعة للمالكي وممثليه في البرلمان فهل يعني ان القضية أضحت استباقية فعل وتم بكل الوسائل بما فيها الأسلحة المحرمة؟  ولكن من الجانب الثاني ومهما ستظهره نتائج التحقيق عن المسؤول فعلا عن قصف غوطة دمشق وجوبر بالاسلحة الكيمياوية والغازات القاتلة يمكن التأكيد هنا:  بان القتلة لن يفلتوا مطلقا من العقاب والادانة في ساعة الحساب القادمة لا محالة.
 على الجبهة السورية تعلن الازايش الكردية ووحدات مسلحة من حزب العمال الكردي في سوريا ومن دون سابق إنذار تدعو بضرورة العودة للدفاع عن النظام، بحجة الانتقام من جماعة النُصرة ولقطع الطريق على "الإرهاب" و " القاعدة"  من النيل من حقوق أبناء كردستان الغربية [ اي سوريا الشرقية والشمالية]. تماما كما فعلت قوات البيشمركة في العراق لتبرير موقفها عند وصولها ابواب المنطقة الخضراء لحماية خصمها بالأمس القريب الممثل في سلطة المالكي.
هل ان العودة الى الصحوات البائدة وإعادة الروح اليها من خلال تشكيل مجالس عسكرية وعشائرية أكثر تنظيما وتسليحا وانضباطا وتمويلا بالرشوات، وتحديد أعمار أعضاء الصحوات الجديدة بأقل من 40 سنة والوصول إلى عدد منها بحدود تقديرية أولية  44000 فردا مسلحا، ومحاولة توزيعها في الموصل وبغداد و ديالى وكركوك في العراق هو سيكون تحقيق مرجو لنتائج وحالة "الثأر للشهداء" في العراق ولضمان حماية طوق دمشق ومرقد السيدة زينب بنفس الاسلوب، مما يستدعي تجنيد الألوف من الشباب المنتسب الى المناطق الشيعية والعلوية في العراق وسوريا ولبنان وحتى من إيران بنفس المواصفات ودفعهم لدور ووظيفة التجنيد في وحدات الشبيحه في المناطق التي سيتولي عليها الجيش في سوريا ووفق إشراف التخطيط الإيراني وتحت زخم التعبئة الإعلامية الواضحة في كلا العاصمتين للدفاع عن المرجعيات والمدن المقدسة في العراق وسوريا، وهم بذلك يقدمون بعضا من أبناء الطوائف ومليشياتها المسلحة وقودا للحرب والاقتتال الطائفي لتقسيم العرب أساسا. وفي العراق يجري التخطيط حاليا للاستيلاء على مدينة سامراء ومحاولة الاستحواذ على أوقافها ومساجدها لصالح ما يسمى الأوقاف الشيعية في العراق. وفي سوريا تُضم الأوقاف العامة من قبل سماسرة النظام السوري وتُباع الأملاك العامة وأراضي الأوقاف الإسلامية إلى الإيرانيين والعراقيين واللبنانيين الوافدين وتتم إدارتها وتسييرها وفق مصالح وتوجيهات ونهج سلطة ولاية الفقيه من طهران.
ان تصعيد الإرهاب الطائفي  المقصود بشكل قاس في ريف دمشق وفي محيط بغداد وأسوارها، وخاصة في ديالى والمدائن وشمال بابل وجرف الصخر وهناك جوبر والسيدة زينب وحتى مخيم اليرموك ومساكن برزة ما كان يتم بالصدفة أبدا وخلال نفس التزامن لولا الأيادي والخبث الإيراني والتعبئة الطائفية.
لقد سبق المجلس العسكري السوري المعارض الإعلان عن مقتل 15 عنصراً من "حزب الله" من لواء "أبو الفضل العباس" في معارك بالسيدة زينب بريف دمشق، في حين أمطرت قوات الأسد الريف الدمشقي بوابل من الصواريخ، كما حملت سلطات المالكي المئات من القتلى من شباب جنوب العراق ومدينة الثورة قتلوا هناك من دون هدف مشرف لهم، سوى الترضيات ولأجل تلبية رغبات قادة الجريمة الطائفية المنظمة والمليشيات التي زجتهم بمعارك ليست ذي صلة بطموحاتهم وأمانيهم في الحياة الكريمة. يخفي حزب الله حقيقة تعداد خسائره في سوريا التي بلغت حسب تصريحات أمينه السابق الألوف منهم، و من دفنوا بصمت بجوار السيدة زينب بدمشق، ومنهم من حملوا في النعوش العائدة الى الضاحية الجنوبية ببيروت لكي يستعرضونهم في حفلات التشييع  والمتاجرة بتضحياتهم الطائفية.
وتبعا للمجلس العسكري السوري المعارض، وبحسب ما أفادت قناة "العربية" الإخبارية: ، إن "الجيش السوري الحر"، تمكن من السيطرة على مشفى الإمام الخميني في منطقة البحدلية بريف دمشق.
وقال ناشطون: "إن أرتالاً من قوات النظام السوري وعناصر حزب الله وميليشيات أخرى تتجمع على طريق مطار دمشق الدولي تحضيراً على ما يبدو لاقتحام مخيم اليرموك"، مؤكدين أن المخيم الفلسطيني البائس يشهد حركة نزوح كبيرة، خاصة بعد أن وجهت له قوات النظام إنذاراً يوم الجمعة الماضي عبر مكبرات الصوت  منذرين سكان مخيمي اليرموك وفلسطين والحجر الأسود بضرورة المغادرة خلال ساعات لأنها ستقتحم تلك المناطق التي يسيطر عليها "الجيش الحر" منذ أشهر.
 هل يختلف هذا العمل عن ما يجري فعلا في الحويجة والطارمية والمقدادية وطوز خرماتو وديالى وكركوك وما يسمى المناطق المتنازع عليها في  شرق العراق بين الكرد والعرب والتركمان؟.
 كان المكتب الإعلامي لـ"المجلس العسكري" قد أعلن أن "الجيش الحر" استهدف مراكز تجمع قوات النظام والشبيحة في شارع نسرين بقذائف محلية الصنع وسط اشتباكات عنيفة على مداخل مخيم اليرموك.
وأطلقت القوات النظامية صواريخ أرض أرض على الغوطة الشرقية في ريف دمشق التي تعرضت قبل أيام لهجوم بأسلحة كيميائية، بحسب ما ذكر "المرصد السوري لحقوق الانسان". قال المرصد في بريد الكتروني "قصفت القوات النظامية بصواريخ أرض أرض مناطق في الغوطة الشرقية". وأشار المرصد وناشطون الى اشتباكات عنيفة في محيط معضمية الشام (جنوب غربي العاصمة) وداريا والسيدة زينب (جنوب)، بالإضافة إلى قصف على داريا ومناطق أخرى. كما نفذت طائرات حربية غارات على مدينة دوما شرق دمشق ويبرود (شمال) والمعضمية.
نفس المشهد وتسلسل الأحداث ونوعية الأسلحة. والفرق فقط بضرورة إبدال مسميات الحدث الطائفي بمسميات الجغرافية يمكن ان نسمعه في العراق كما في سوريا.
لقد وضعت خبرة  فضائيو الميادين وصحفييها بما اكتسبوه من عملهم السابق في قناة الجزيرة بيد الطرف الإيراني لكي تصبح فضائية الميادين ضرة منافسة للجزيرة والعربية، ويمكن استخدام حرفيتها عند الحاجة إلى إشعال الحروب والفتن الطائفية في المنطقة العربية؛ لذا نراها الحاضرة الأولى في تغطيات أحداث تفجيرات لبنان في الضاحية وطرابلس والتصعيد الإعلامي المرتبط  بهما كما انها المرافقة لفلول الشبيحة وقوات الاسد في اجتياح المناطق السورية بحزام دمشق وأحوازها.
وعندما طرح العميل المزدوج احمد الجلبي مشروعه في بداية شهر رمضان حول ضرورة وحدة البلدين والشعبين في سوريا والعراق فهو لم يطلق هذا المشروع تلبية لشعور قومي او بدافع وطني عراقي بل لان المشروع يستجيب لمطالب بناة وتأسيس الإمبراطورية الفارسية الجديدة وضرورة توحيد أمصارها تحت إمرة ولاتها من الشعوبيين والطائفيين في حكم العراق وسوريا ولبنان .
وليس عبثا ان نرى وتلمس ونسمع عن تناسق برنامج فضائية الميادين الإعلامية في تقديم الحدثين السوري والعراقي ولعدة مرات في النهار من خلال ما يسمى النشرة العراقية السورية  للأخبار . مثل هذا الربط ومع مساعي احمد الجلبي الوحدوية يبدو ان ما يحدث ليس بريئا عن نوايا الايرانيين وتطلعاتهم لحكم العرب ضمن مرحلة الهلال الشيعي كمرحلة انطلاق لولى لالتهام ما تبقى من بلدان العرب والكرد معا.
كما  ان التركيز على بيانات مل يسمى" دولة الخلافة الإسلامية في العراق والشام"  وفي سياق متصل بنشاط أخبار القاعدة والنصرة ، إلا محاولة ايرانية لفرض حالة الاصطفاف والاستقطاب الطائفي.  بالامس توعدت جبهة النصرة بالثأر ضد القرى العلوية ردا على ما قالت إنه هجوم كيميائي نفذه النظام السوري يوم الأربعاء في الغوطة والمعضمية فتداعت الى تكرار نشر التحذير كافة القنوات الطائفية والايرانية. هذا الامر لا يمكن فصله عن سياقات التماثل المطلوب تنفيذه في كل خبر ورد الفعل المطلوب إزائه.  وعندما قال زعيم جبهة النصرة المدعو أبو محمد الجولاني في تسجيل صوتي نشر على مواقع إلكترونية:  إن الجبهة رصدت ألف صاروخ للقيام بـ"سلسلة غزوات العين بالعين" ضد ما سماها "القرى النصيرية".وأضاف أن "كل صاروخ كيميائي سقط على أهلنا في الشام ستدفع ثمنه قرية من قراهم بإذن الله. وزيادة عليها نرصد ألف صاروخ يطلق على بلداتهم ثأرا لمجزرة غوطة الشام. فان تصريحا مثل هذا يدعو السيد حسن نصر الله الى الاعلان انه متوجه الى القتال داخل سوريا وهو يضع كامل اسلحته بيد بشار الاسد في المعارك الطائفية النطلوبة ايرانيا.
 هل يمكن استبعاد مثل كل هذه التصريحات المتقابلة طائفيا؟ وماذا يمكن القول عن حدث هذا الاسبوع في نشر فلم مخزي في دمويته واسلوب وتوقيت عرضه على نطاق واسع عن عملية ستتضح اهدافها الطائفية  ان المشاهد العربي سيبقى في حالة ذهول وهو يشاهد فلم عن جريمة الانتقام الطائفي ضد ثلاثة شبان سوريين ابرياء  من سواق الشاحنات ساقهم حظهم العاثر الى أيادي القتلة. هناك على الطريق الدولي الرابط بين عمان وبغداد عبر محافظة الأنبار حيث أوقفوهم [  حسب ادعاء منتجي الفلم انهم من القاعدة] وجرى استجوابهم  وامتحانهم بسؤال غريب عن عدد ركعات صلاة الفجر أو الظهر من قبل احد سفاحي الجماعات المسلحة التي كانت تستعرض قواتها وسياراتها على الطريق الدولي الرابط بين عمان وبغداد. وكان مجرد الخطأ في الإجابة عن عدد الركعات كافيا لتبرير الحكم باعدامهم لجهلهم تعداد الركعات ولاعترافهم مضطرين امام فوهات البنادق من انهم سوريين فقراء ينتمون الى طائفة النصيرية بشمال الشام .
لقد شاهد العالم هذا الاسبوع فضاعة القتل والاعدام في هذا الفلم المسرب بتوقيت مدروس، يظهر فيه قتل الناس بلا سبب ولا ذنب الا لمجرد الانتقام وتجييش الحقد الطائفي اعلاميا من خلال فلم فضيع بصور مشاهده وبغرض ودناءة واضعيه من الذين  روجوه على الانترنيت وعرضه بتكرار كبير على الشاشات الطائفية بعنوان "الانتقام من النصيرية" كفرقة من فرق الشيعة  من قبل اشخاص نسبوا الى تنظيم القاعدة او دولة العراق الاسلامية . هذا هو التحريض الطائفي المبيت والواضح الأهداف والمقاصد ولا يستبعد من انه وضع في سياق الموضوع الطائفي الذي نتحدث عنه في هذه المقالة والدور الإيراني في المنطقة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق