أ.د.عبد الكاظم العبودي
الامين العام لهيئة التنسيق
المركزية لدعم الانتفاضة العراقية
علقنا اكثر من مرة على
تعقيبات بعض الاخوة من شباب البصرة المعتصمين منذ اكثر من اسبوع امام مقر محافظة
البصرة وغيرهم من ابناء شعبنا في اكثر من ساحة وتجمع، ويبدو ان بعضهم بدا مصابا
ببعض الالم والحسرة والإحباط لأن ساحته لم تمتلأ بعشرات الالوف أو بالملايين كما امتلأت
ميادين التحرير وساحة رابعة العدوية في القاهرة وبقية المحافظات المصرية.
فكان جوابنا لهم ولغيرهم:
للاسف يحدث هذا لأن بعضنا يُحجم
مأساتنا الوطنية وتحويلها الى حالة مطلبية أو جهوية ذات صلة مع بعض المحافظات ويحصرها
حول مطلب وظيفي محدد أو قضية انقطاع كهرباء أو ماء ... الخ. من المطالب المشروعة.
وفي حالات تتحول تلك المطالب الى مجرد عرض صورة حال او لغرض خلق مشاكسة سياسية
محلية لها حساباتها الظرفية، ويقيننا ان مثل تلك المحاولات في التحجيم والتحبيط والاقصاء تقف ورائها جهات مشبوهة، لها مصلحة وثيقة بتبديد الجهد
الوطني وتقسيمه ومنع التحام جماهير الانتفاضة الوطنية المنشودة .
نرى ان في مثل هذا القصور
في معالجة الامور تكمن أخطاء جسيمة عندما يحاول البعض الى جرنا نحو عزل انفسنا
وساحاتنا وجماهيرنا عن الاندماج بوعي الى حركة تاريخية وطنية عراقية جديدة تعيش
مخاض ولادتها العسيرة في اتون نضال وطني
شامل وعلى كل المستويات.
هذا الحراك الوطني الذي
نشهده يجب ان يتحرك في سائر أطراف العراق للتخلص معا من منابع وأصول وجذور وأسباب المأساة الوطنية العراقية المتمثلة اليوم
، تقف في أولويات مهامها التصدي لنتائج الغزو والإحتلال، ومع نفوذ قواه المحلية
المعتمدة في السلطة والتصدي الى التركة الثقيلة الجاثمة على صدور ابناء شعبنا
المتمثلة في العملية السياسية ودستورها ومؤسساتها التي مكنت من تنصيب عملاء
الاحتلال حكاما على العراق باسم الديمقراطية وتشريع الدستور وتنفيذ العملية
السياسية المشبوهة التي تآكلت وتساقطت عناصرها خلال العشرية الدموية السوداء
القائمة عناصرها الان.
ومن المنطقي ان لا نقارن
انفسنا بحالة مصر لأن نخبتنا الثقافية والسياسية تعيش حالة من النرجسيات المريضة،
ولم تصحو بعد عن غيبوبتها لكي تواجه
الواقع المزري بمسؤولية تاريخية وتتجاوز المصالح الشخصية والفئوية والتشرنق المرضي
في الرضا عن الذات المتراجعة .
علينا ان نعترف بشجاعة ان
حالة أسقامنا السياسية تحتاج الى تشخيص دقيق وجراحة لجسد حاضرنا السياسي المريض
بكل العلل، نحتاج الى عمل جماعي وفريق وطني يحمل بجرأة مبضع الجراحة الحاد لاجتثاث
بقية جبننا وترددنا وتقاعسنا ومحدودية الكثير من حساباتنا القاصرة في التعامل السياسي
والاجتماعي مع بعضنا البعض ومع غيرنا ، بروح ثورية تتجاوز أخطاء الماضي وخلافاته
وانقساماته والتطلع الى الغد .
ان كل شعب مثابر يجدد بنفسه
فرص التغيير والتطور وما اكثر الفرص الضائعة منا كشعب وحركة تحرر وطني وجماهير منها
ان ترك البعض لساحات الاعتصام في المحافظات الغربية والشمالية وهي محاصرة امام قمع
السلطة ودمويتها ومعالجاتها المتسمة بالإهمال والاستهتار تجاه الحقوق المشروعة لنا
كشعب . لقد مرت الشهور وهي منتفضة تعاني عذابات تحمل الصمود وعدم التراجع وتقدم
التضحيات التي اذهلت المراقبين في العالم كله، ومع هذا فهناك قطاعات من شعبنا تعيش
مثلا حالة الانتظار غير المبرر، والذي بات مخجلا لاصحابه، ويجب مراجعته على الفور
وبسرعة قبل فوات الاوان.
يا اخوتنا الاعزاء في سائر
ارجاء الوطن الذي يعيش لحظته كبركان يتململ قبل لحظة الانفجار. وهو الذي سيتكفل بملء
الفنجان الذي لم يمتلأ بعد بالحشود التي تنتظرونها [كما تمنى احدهم] لو احسنتم
انتم وغيركم في بقية الساحات ادارة الاستقطاب السياسي والاجتماعي وحشده وتوحيده كي
يصبح مثل هذا التجمع والاعتصام او ذاك بحرا متلاطما من الحشود والبشر الغاضبين
المندفعين بارادة وبثقة نحو امتلاك آفاق الحرية الواعدة التي تتجاوز قضية محدودية بعض شعاراتكم التي يطرحها البعض بقضية كهرباء.
ان سكوتكم عن بقية آثام وجرائم حكومة المالكي واستهتار عصابات المافيا المتشاركة
في هذه العملية السياسية التحاصصية التي همشتنا جميعا كشعب يشكل خطيئة سياسية كبرى
لا بد من مواجهة آثامها فبل فوات الوقت.
ان السلطة واحزابها
المتشاركة في السلطة والمرتعبة من المصير الاسود الذي ينتظرها تريد من خلال
وكلائها في الساحات المختلفة وادواتها المخابراتية والحزبية، بما فيها ساحاتكم كمحافظات
، تحاول تقسيمنا كطوائف ومحافظات واقاليم؛ محاولة منها استغفال لحظة التاريخ أو
تأجيلها، والتي ستعصف بكل اوثان الإستدمار القائم في العراق منذ لحظة الغزو
والاحتلال .
نحن من العراقيين الذين
نستبشر باعتصاماتكم ونفتخر بتداول اخبار اندلاع تظاهراتكم فنؤيدها من دون اشتراط ،
ونتابع ما ينشر على صفحاتكم الاعلامية في شبكات التواصل الاجتماعي فنعمل على نشر
الكثير منها، وكم عرفنا عبر صفحاتنا الاعلامية وكتاباتنا ما يصدر عنكم ، وليست لنا
مصلحة مباشرة او غير مباشرة بكم كجماعة او محافظة معينة او جماعة سياسية ذات لون
ما ، لاننا في هيئة التنسيق المركزية لدعم الانتفاضة العراقية نتجاوز أي شكل من
اشكال الجهوية والطائفية والتحزب السياسي والمذهبي والاثني وحتى القومي والعشائري
، وليس لنا من دوافع لمبادراتنا ونشاطنا الاعلامي والسياسي والتعبوي سوى مصلحة
العراق وتطلعات شعبنا الصابر في وحدة تراب ومواطني العراق، هدفا لا نفرط به ابدا .
كم كنا نتمنى ان تنسقوا
معنا ومع بقية الساحات الوطنية وترفعوا معنا مبادرات التحدي من اجل استحقاقات
كثيرة منتظر تحقيقها، وكما رفعت محافظة السماوة بالامس الكارت الاصفر"
البطاقة الصفراء" بوجه عصابات حكومة المالكي، نأمل منكم أن ترفعوا معنا غدا، كما سيرفع
العراقيون بكل ساحات العراق المنتفضة الكارت الاحمر لتتكون قبضاتنا الغاضبة بوجه عصابات
اللصوص الحاكمة لمواجهة استهتارها ومجازرها وفسادها السياسي والأخلاقي ومنع
استمرار عبثها بمصيرنا شعبا ووطنا وامة وثقافة وحضارة.
اتدركون معنا ان هذا الكارت
الاحمر قد رفعته هيئتنا وأعضائها منذ اعلان تأسيسها هذا العام، استجابة من نخبة
وطنية في الخارج وتمتد صلاتها بداخل الوطن، عبرت عنه في جميع وثائقها ولخصها بيانها الاول: انه يعني الجميع في ... العمل دون هوادة، وبلا
توقف، على كنس النظام الفاسد القائم بكل الوسائل الممكنة ، باعتباره تركة ثقيلة من
تركات الاحتلال الامريكي البغيض وتابعه النفوذ الايراني ، والنضال الوطني المشترك
من اجل ازالته والى الابد ودفنه كصفحة أليمة من صفحات تاريخنا لا يستحق الا مزبلة
التاريخ ولعنته، وعندئذ فان مسألة صناعة وانتاج وتوفير الكهرباء وايصال الخدمات
ستصبح قضية وقت وصبر لشهور،لا اكثر ولا اقل.
ومع خالص مودتنا واحترامنا
وتقديرينا لإخلاصكم للمثل الوطنية واعتصاماتكم المفتوحة في كل ساحات الوطن الجريح
لا بد علينا ان نذكر بواحدة من بديهيات العمل الوطني واستخلاصا من تجارب شعبنا
الغنية بالدروس.
ان وسائل النضال لها اكثر
من وسيلة لتحقيق الغاية المنشودة: اولها التجمع السلمي الحضاري والتنسيق الاوسع مع
كل شخصية وقوة وطنية فاعلة ومؤمنة بحرية العراق واستعادة استقلاله الوطني وسيادته
على ارضه وثرواته، والعمل على رفع المطالب الشعبية والوطنية والتعبئة من حولها
والتعريف بقواها الوطنية وجمعها في جبهة وطنية عراقية، ولا بد من فرز قياداتها
المؤتمنة على حق تقرير المصير، والاعتراف بدور طلائعها الثورية والمقاومة، ومنع
المتاجرة بشعاراتها او الارتداد عليها في منتصف الطريق في اية مساومة محتملة .
واخيرا لا بد من حماية الجموع المنتفضة والثائرة
من عنف وقمع واستبداد قوى القمع السلطوي ومليشياته، ومنعها من محاولة الانتقام من
جماهير الانتفاضة الوطنية في جميع الساحات .
ان غدا لناظره قريب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق