هيئة التنسيق المركزية لدعم الانتفاضة العراقية
لم تكن الديمقراطية أحد الاهداف
المعلنة لغزو واحتلال العراق عام 2003 م، فالأهداف الاساسية المعلنة كانت
تتمحور وتدعي نية الغزاة نزع اسلحة الدمار الشامل من يد النظام العراقي، التي باتت
تهدد العالم برمته بالفناء واتهام العراق بالعلاقة مع تنظيم القاعدة كتشكيل ارهابي،
طبقا للتوصيف الامريكي.
وبعد ان عجزت الولايات المتحدة عن
الحصول على أي دليل لافتراءاتها التي استخدمتها كغطاء لعدوانها السافر على بلد
مستقل وشعب عريق مسالم، انحرفت ماكنة الاعلام الضخمة للترويج لهدف ثالث للغزو
والاحتلال هو انتاج عراق جديد ديمقراطي بعد تحريره . واليقين ان الهدف الجديد
ينطوي على دلالات ليست عابرة اولها ان العراق ما بعد الغزو سيكون كيانا مسخا
متهرئا متشرذما منقطع تماما عن عراق الحضارة والمجد والعروبة والإيمان.
المعضلة الاولى التي كانت اميركا
تدركها ادراكا عميقا وهي تطرح مشروع العراق الديمقراطي الجديد هي ان القوى
السياسية التي اعتمدتها في تشكيل الواجهة المدنية للاحتلال هي قوى أبعد ما تكون عن
فهم الديمقراطية، كنظام شامل للحياة، وتفتقر الى ابسط ممكنات التفكير أو الفعل
الميداني الممارس للديمقراطية، بحكم بنائها المليشياوي والطائفي والعرقي او ميوعتها التنظيمية
والعقائدية، وانعدام وزنها ازاء الكتل الطائفية المستوردة من ايران والطرف السياسي
الكردي. هذا اذا اسلمنا جدلا بجدية اميركا وحلفاءها في تأسيس نظام ديمقراطي، وهي
تعلم علم اليقين ان المجلس الذي شكله بول بريمر كان مجرد مجلس يحمل مقومات
الاقتتال والتنافس السلبي ونزعات الانفصال، وان الدستور الذي فرضته العملية
السياسية المشوهة، هو الآخر دستور يمزق بمعظم نصوصه العراق ويغرقه بالطائفية والمحاصصة
والاجتثاث والتقسيم عبر واجهة الفيدرلة.
ورغم ان الصورة التي رسمناها اعلاه
مبرهنة عبر الانتخابات التي جرت تحت حراب الاحتلال، سواء البرلمانية منها، او لما
يدعى بمجالس المحافظات، إلا ان الانتخابات التي جرت مؤخرا لتجديد مجالس محافظات
الحكم الاحتلالي قد افرزت نتائج وممارسات نقلت ما سمي بالعراق الجديد وتجربته
الديمقراطية المزعومة الى نتائج تفصح عن الفشل الذريع الذي ستفضي اليه هذه
الممارسات تماما كما فشلت اهداف الغزو الكاذبة الاخرى.
شهدت الانتخابات الاخيرة انحدارا مريعا
في نسبة المشاركة الشعبية حيث تراوحت الذروة فيها 30% و النسبة الأدنى قرابة 10% .
وهذا التراجع يكثف ويعكس الموقف الشعبي
العام الذي ادرك سفاهة الإنتخابات، وعدم جدواها في ممارسة الديمقراطية التي يتمنونها؛
لان القوى المتنافسة كانت محصورة ومحددة مسبقا، والنتائج لها باتت محسومة ومعروفه
سلفا.
سجلت كافة مراكز الاقتراع خروقات فاضحة
لصالح ما يسمى بائتلاف دولة القانون عبر عمليات تزوير مكشوفة من بينها الاستحواذ
على استمارات الآلاف من الناخبين وتعبئتها من قبل موظفين مدفوعي الثمن من قبل سلطة
نوري المالكي وتم إرغام المواطنين على اختيار مرشحي حزب الدعوة المقاد إيرانيا،كما
سبقتها عملية تصويت مفبركة في مراكز خاصة للقوى الامنية والمليشيات وما تسمى
بوحدات القوات المسلحة والجيش والتي كانت تصوت لصالح قائمة المالكي حصريا.
وقد اعلنت المفوضية العليا للانتخابات،
التي تسمى زورا وبهتانا، بأنها هيئة مستقلة، في حين ان حقيقتها مفضوحة؛ كونها
مجيرة بالكامل لصالح رئيس وزراء حكومة الاحتلال وحزبه وائتلافه الطائفي. ولعل
التزوير الذي حصل في محافظة ديالى وأعلن رسميا من قبل المحافظ هو لبحالة الاكثر
بروزا وواضحا لما ظل مخبئا تحت الطاولات وفي بطون صناديق الاختراع في محافظات ذي
قار والمثنى والنجف وكربلاء وبغداد.
ان العوق الاهم الذي اصاب الانتخابات
الاخيرة، وصار علامة فارقة لها هو تأجيل الانتخابات في محافظتي الأنبار ونينوى، وهي
مخالفة مكشوفة حتى لدستورهم الفاسد، وكانت بمثابة صيغة عقاب جماعي لاؤلئك الضالعين
بالعملية السياسية المجرمة، ولعدم قدرتهم على منع إستمرار الاعتصامات السلمية ضد
الحكومة ودستورها وقوانين ارهابها وقانون العار النازي لها المسمى بقانون المسائلة
والعدالة.
قد كانت الخروقات الامنية التي حدثت في
مختلف انحاء العراق اثناء الانتخابات بمثابة مطرقة هشمت ادعاءات العميل نوري
المالكي بان التأجيل في محافظتي الأنبار ونينوى قد تم بناءا على عدم استتباب الوضع
الامني؛ فضلا عن عجز حكومة الاحتلال على تامين حياة المواطنين حتى في يوم يخدم
اهدافها القذرة.
واضح ان المالكي وحكومته وحزبه قد
استخدمت الانتخابات غطاءا لتمرير ازمة دموية جديدة في البلاد تمثلت في مجزرة
الحويجه البشعة وما يخطط له من مجازر مماثله في ساحات التظاهر والاعتصام السلمي
للعراقيين المحتجين على الاحتلال الفارسي وإجراءات الحكومة الطائفية ودستورها
المدمر للعراق، والظلم والتعسف الموجه ضد احرار العراق وشعبه العربي الاصيل في
محافظات غرب وشمال بغداد والتطبيق الجائر لقوانين الارهاب والاجتثاث النازية، كما
استخدمتها ايضا فرصة لتمرير الازمة الخانقة التي إفتعلتها مع حليفها الاتحاد
الكردستاني وعلى حساب شعبنا الكردي ووحدة العراق واستمرت شهورا، وصلت خلالها
الازمة الى حافات الاقتتال. وهكذا تكون الانتخابات وسيلة من وسائل التغييب
والإلهاء والتسويف والمماطلة وإدامة النهب المنظم والفساد المالي والإداري الذي
يعصف بكل العراق ويضع مستقبل شعبه ووحدته الجغرافية والشعبية أمام المجهول المرعب.
اننا نرى ان التهاني التي تقدمت بها
الادارة الامريكية للمالكي لفوزه هو وحزبه وكتلته في عدد من المحافظات على انها
استمرار في مضي الولايات المتحدة في
مخططات تدمير العراق وإراقة دماء شعبه، وهو تمادي معيب ومخجل في مسار التمسك العزة
بالإثم كما يقال، وإدامة لجرائم حكومة الاحتلال وفشلها المعيب في انجاز ايا من
الواجبات التقليدية المناطة بأية حكومة، من خدمات وأمن وتطوير لروافد الحياة.
اننا في الوقت الذي نحي وعي شعب العراق
العظيم المتمثل بتجاهل الانتخابات الصورية المزورة واحتقاره لتواصل منتجاتها من
الحكومات المحلية المفسدة والمعاقة فكريا وإداريا، مما يجعلها مجرد ادوات فساد
وإفساد ولصوصية وقتل وإرهاب للشعب فإننا على يقين بان المزيد من الفراق والطلاق
القطعي بين شعبنا وبين العملية السياسية والانتخابات بعد ان ادركت الغالبية من
ابناء شعبنا انها باتت مجرد مسرحية بلهاء وضحك على الذقون، وان اللاعبين فيها هم
انفسهم؛ بما يجعلها عديمة الجدوى، فهي انتخابات لأحزاب ايران الصفوية والقوى
المتعاقدة معها للارتزاق تضم احزاب وقوى محسوبة على الطائفية السياسية السنية.
نحن على يقين بان الحراك الثوري لشعبنا
في شقيه السلمي والمقاومة المسلحة البطله قادرة على اخراج بلدنا من الدمار الشامل
الذي يتعرض له تحت تطبيقات العملية السياسية الإحتلالية الطائفية البغيضة المرتبطة
بأجندات ايران التي تمارس احتلالا مباشرا بعد هروب الولايات المتحدة وحلفاءها من
مدن العراق.
ندعو شعوب العالم وحكوماته ومنظماته
المدنية الى التوقف الجاد عند ما يجري في العراق من سفك لدماء الملايين من شعبه
والاضطهاد المتصاعد وتكريس الدكتاتورية التي تسلطها القوى الطائفية السياسية التي
مكنتها امريكا من رقاب شعبنا، والى التمعن
بما هو واقعي، فضح موج الاعلام الكاذب والمزيف الذي يعصف بحقوق الانسان وأمنه وحقوقه التقليديه
في الحياة والخدمات.
ان على شعوب العالم ان تنتبه وتخرج من
اجواء التزييف والتعتيم والتعمية التي رافقت غزو العراق واحتلاله وان تنتقل الى
مرحلة اعادة التقييم التي تفرضها واجبات الشراكة الانسانية واحترام الشرائع
السماوية والقوانين الوضعية لوقف كارثة ابادة بشرية بدأت منذ عشر سنوات؛ وما فتئت
تتوسع وتتجدد لا لشئ؛ بل لتحقيق غايات وأهداف ومصالح امبريالية وصهيونية وطائفية
ايرانية، تعاضدت كلها في حقد اعمى وبغضاء مريعة ضد شعب العراق، شعب السلام والحرية
والحضارة، ذبحت الى الان قرابة مليونين ونصف المليون من العراقيين، فضلا عن اعداد
ضخمة من الجرحى والمعاقين وملايين المهجرين
في الداخل والشتات ومئات الآلاف من المغيبين في السجون والمعتقلات وإهدار ما لا
يعرف حصرا من مئات مليارات الدولارات وتبديد ثروات البلد التي ضاعت في غيب الفساد
وظلت مجهولة حيث لا يعرف حجمها ومساربها المريعة غير الله والضالعين في اتونه
الجهنمي.
هيئة التنسيق المركزية لدعم الانتفاضة العراقية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق