24‏/10‏/2013

العدالة للعراق: تقرير عن مؤتمر لشبونة لحركات التضامن مع الشعب العراقي أكتوبر/ تشرين الأول 2013


عقدت الحركات والجمعيات المتضامنة مع الشعب العراقي المنضوية تحت تجمّع (الشبكة الدولية لمناهضة الاحتلال IAON) مؤتمرها السنوي في مدينة لشبونة عاصمة البرتغال تحت شعار (العدالة للعراق Justice4Iraq) ويختصر هذا الشعار الجهود التطوعيّة التي تقوم بها هذه الحركات لمحاسبة كل من خطّط وساهم في غزو العراق واحتلاله وكل من ارتكب جرائم وانتهاكات ضد شعبه، والمفترض ان تكون هذه الجهود اساساً لتحقيق العدالة للشعب العراقي وتعويضه عن كل ما لحق به من خسائر جرّاء ذلك.


وعقد المؤتمر على اساس تطوعي، حيث تحمل المشاركون نفقات سفرهم واقامتهم وتميز بحضور جيد لممثلين عن الحركات المناهضة للاحتلال من عدة أقطار عربية ودول اوربية شاركوا في أعماله، باعتباره مؤتمراً لممثلي هذه الحركات لأغراض التشاور والتنسيق ووضع خطط العمل والتحرك المطلوبة للعام المقبل.


وافتتح رئيس الحملة البرتغالية للتضامن مع الشعب العراقي (العراق ترابيونال)، السيد مانويل رابوسو، المؤتمر بكلمة رحب فيها بالحاضرين واكدّ على اهمية استمرار العمل والجهود لتسليط الضوء على معاناة الشعب العراقي في جميع المحافل الأوربية والدولية وكشف الحقائق لما حصل من حصار وغزو واحتلال وانتهاكات جسيمة لحقوق الانسان.
ثم قدَّمت الكاتبة العراقية السيدة هيفاء زنكنة تقريراً أوجزت فيه الجهود والنشاطات التي قامت بها فروع الحملة خلال عام 2013 في مختلف العواصم والمدن تحت شعار العدالة للعراق. وقالت ان هذه الجهود بدأت بالمؤتمر الذي نظَّمه مركز جنيف الدولي للعدالة على مدى يومي 14 و 15 آذار/ مارس 2013 في مقر الأمم المتحدة الأوروبي في جنيف تحت شعار (المساءلة والعدالة للعراق) حيث عقدت ست جلسات شارك فيها اكثر من 12 متحدثاً ركَّزوا على كيفية محاسبة المخطّطين والمنفذين للغزو والاحتلال والمتعاونين معهم وكل من ارتكب انتهاكات ضد الشعب العراقي، وما جرى من تدمير لمؤسسات الدولة وتخريب للأنظمة القائمة في التعليم والصحة والزراعة والقضاء وما جرى من تخريب للبيئة، ومحاولات تفتيت النسيج الاجتماعي بزرع الفتنة الطائفية واقامة نظام يقوم على المحاصصة الطائفية ودستور يؤطِّر هذا النظام. كما جرى تناول قضايا الفساد والتخريب الاقتصادي بصورة تفصيلية، وخصّصت جلسة ختامية للحديث عن الوسائل القانونية اللازم اتباعها لأستعادة العدالة للعراق والشعب العراقي. 
ثم تحدّثت عن النشاطات التي جرت في العاصمة البريطانية حيث قامت منظمة "تضامن المرأة العراقية" بعقد مؤتمر بعنوان  "يوم عادي في العراق"، بالتنسيق مع الملحقية الثقافية الفنزويلية في قاعة بوليفار. وركز المؤتمر من خلال مشاركة باحثين وكتاب وفنانين وناشطين، وعبر قراءة شهادات لنساء عراقيات، على الجوانب السياسية والاقتصادية، والثقافية والحقوقية بعد مرور 10 سنوات على غزو واحتلال العراق، في عام 2003. مؤكدا على ان الشعب العراقي لا يزال يعاني نتائج تدمير دولته والبنية التحتية وماتلاه من تفكك مجتمعي جراء  سياسات الاحتلال. وعلى الرغم من انتهاء مرحلة الاحتلال الأنجلوـ أمريكي المباشر الا ان المحتل ترك نظاما سياسيا مبنيا على اثارة النعرات والفتن، وقوات أمنية فاسدة ووحشية في ممارساتها اليومية، وحكومة ودستور قائمان على اساس المحاصصة الإثنية والعرقية ونظام قضائي ضعيف ومسيس، بينما يتم تبديد ثروات البلد النفطية الهائلة. كما تم، ايضا، تسليط الضوء على ممارسات ما يسمى بالديمقراطية الغربية بعد مرور عقد من الادعاء بتطبيقها. واكد المؤتمر مواصلة التضامن مع الشعب العراقي في محنته، وأن يبقى الهم العراقي حياً في ضمير العالم وخاصة معاناة النساء، والسعي لتحقيق العدالة للعراق في المحاكم العالمية ومن خلال تنفيذ القانون الدولي.
وقامت "تضامن"، ايضا، باصدار قرص مدمج  (سي دي) وكتيب من 20 صفحة بعنوان "وسلاما عليك يافلوجة". والعنوان مأخوذ من قصيدة للشاعر معروف الرصافي. يحكي قصة الهجوم الانجلو امريكي على مدينة الفلوجة في عام 2004 ، والذي وصف بأنه الاشمل منذ الحرب الامريكية ضد فيتنام. ويضم قصائد واغاني مقاومة ومعزوفات موسيقية واخبار وتغطية صحافية، باللغتين العربية والانجليزية. ويهدف الى توثيق جريمة الاحتلال ضد مدينة المساجد بإسلوب وصفته صحيفة "الغارديان" البريطانية بأنه "ساحر". وقامت الصحيفة باستخدام التسجيل الصوتي مع شرائح صورية (سلايدات) ووضعته بالصوت والصورة على موقعها. كما تم وضعه على موقع "اوقفوا الحرب" وشاهده واستمع اليه خلال 48 ساعة فقط 40 ألف شخص.
في السويد، ركزت منظمة التضامن مع العراق على النشاطات الثقافية والفنية بالاضافة الى النشاط السياسي. حيث تم تنظيم ثلاث اجتماعات ناجحة بالتعاون مع الدكتور هاشم الطويل، الاكاديمي والفنان العراقي، حول تدمير الثقافة في العراق. ونظمت مسيرة لمتظاهرين يحملون الشموع في الذكرى السنوية لنهب المتحف في بغداد. وتم نشر عدد جديد من مجلة "العراق" في الذكرى العاشرة للغزو. و اصدار العديد من البيانات الصحفية والمنشورات والمقالات المترجمة خلال العام.
وأثيرت مسألة "العدالة  للعراق" في عدد من الاجتماعات والمنتديات والاتصالات واثارة مسألة تعيين مقرر خاص لحقوق الإنسان في العراق. وتم توجيه دعوة للمنظمة للإدلاء بشهادة في جلسة استماع حول اللاجئين في البرلمان السويدي وبحضور ممثلين عن معظم الأحزاب السياسية.


وتحدثت السيدة بالوما فالفيرد من الحملة الاسبانية، عن نشاطات الحملة خلال العام ومنها نشاطات سياسية تضمنت لقاءات واسئلة وجهت الى البرلمان الاسباني بخصوص الاوضاع في العراق ودور الحكومة الاسبانية في ما يسمى إعادة اعمار العراق في ظل تحول عملية إعاد الإعمار المزعومة الى عملية نهب لثروة الشعب العراقي. كما وجهت تساؤلات بخصوص مشاركة القوات الاسبانية مع القوات الامريكية في الغزو، وما اذا كانت قد استخدمت، ايضاً، اليورانيوم المنضب او غير ذلك من المواد التي ولَّدت اضرار كبيرة ضد الشعب والبيئة في العراق. واسئلة تتعلق فيما اذا قامت الحكومة الاسبانية باجراء تقييم نهائي لدورها في غزو العراق.
كما قامت الحملة الاسبانية باعداد مشروع اعلامي مميز عن ما جرى في العراق أسمته (بيت بابلي) يحكي باسلوب قصصي مآسي الحرب والاحتلال، ويتضمن الكتاب شهادات لعدد من الناشطين العراقيين عن نتتائج الغزو والاحتلال. كما اشارت الى النشاط الصحفي لأفراد الحملة وما اجري من لقاءات مع مختلف الصحف ووسائل الاعلام. فضلا عن قيام اعضاء الحملة باعتصام امام وزارة الخارجية الاسبانية رافعين شعار (المساءلة والعدالة للعراق).
كما عقدت الحملة ندوة تحت عنوان (العراق، 10 سنوات من المقاومة: من المقاومة المسلحة الى التظاهرات السلمية). وعرض أعضاء الحملة الاسبانية افلاما عن الاوضاع في العراق وقاموا بنشاطات اخرى خاصة في غرناطة (الاندلس) حيث عرضوا فيلما عن المرأة العراقية، وعن الحياة في بغداد، ثم عقدوا ندوة بمشاركة عدد من المنخصصين، فضلا عن نشاطات اخرى عن العراق في اقليم الباسك.
وخصصت الجلسة التالية لمناقشة تطورات الاوضاع في الوطن العربي في ظل ما سمّي بــ (الربيع العربي) حيث قدّم رئيس جمعية المحامين العرب السيد صباح المختار عرضاً وافياً لهذه التطورات، اسباب نشوئها والاوضاع المساعدة في الدول التي قامت فيها، ودور شعوب هذه الدول وكذلك دور القوى الخارجية، ومسارات هذه التطورات. ثم تحدث عن ما يسمّى "الاسلام السياسي" وكيف ينظر اليه، ثم ما حصل من تغييرات في مصر.
كما تحدّث السيد المختار عن تنامي الدور الايراني في المنطقة وخاصة في العراق حيث قدّمت الولايات المتحدة، العراق، على طبق من ذهب الى ايران التي باتت المسيطر الاساس على الشأن الداخلي، وبات العراقيون ينظرون الى ايران على انها عدوهم الاول. واستعرض الجهود التي قامت بها مجموعة، تضمّه مع اشخاصا آخرين، بالتحرّك في البرلمان الأوربي وكذلك مع المفوضية الاوربية خلال السنوات الأخيرة، وما عقدوه من لقاءات كان آخرها اللقاءات التي عُقدت في شهر سبتمبر/ ايلول 2013.
وكان الهدف من هذه اللقاءات هو تقديم صورة واقعية للوضع في العراق غير الذي ترسمه الدوائر الرسمية المحابية والمنتفعة من ذلك الوضع. كما عرضوا في كل تلك اللقاءات تفاصيل انتهاكات حقوق الانسان في العراق معزّزين ذلك بالوثائق وما يعقبها من رسائل. كما اكدّوا عقم ما يسمى بـ (العملية السياسية) وكيف انها تحولّت الى عبء كبير، مذكرين المفوضية والبرلمان بضرورة ان يكون التعامل مع النظام العراقي ضمن القيود التي تتضمنها الاتفاقيات التي تمنع الدول الاعضاء من التعاون مع اي دولةلا تحترم حقوق الانسان
اما الجلسة الثالثة فكانت بعنوان ( العراق اليوم)، حيث تطرقت الى معظم الاوضاع السائدة في العراق من خلال استعراض قدّمه عدد من الناشطين.
 

وقد تحدثت السيدة نادية هندي عن الانتفاضة العراقية، هذه الحركة الشعبية التي انطلقت في محافظات غرب وشمال العراق لتصل الى المحافظات الجنوبية في تلاحم شعبي أخذ بالتصاعد. واكدّت ان المخاطر الرئيسة التي واجهت هذه الحركة تمثلت بمساعي السلطة التعامل معها بنفس الطريقة التي تعاملت بها مع المقاومة المسلحة، بالقول انهم من المكوّن السني او انهم من البعثيين فقط. وعلاوة على ذلك، منذ انطلاق المظاهرات لاحظنا اعادة شحن العنف الطائفي من أجل تقويض الوحدة الوطنية التي تعدّ التهديد الرئيس للعملية السياسية الطائفية. من ناحية أخرى، فإن العقبات الرئيسة داخل الحركة نفسها في المقاطعات الغربية تمثّلت بالسياسيين الانتهازيين، وعدد من رجال القبائل المرتبطين بالسلطة القائمة، وحاولت تغيير اتجاه الاحتجاجات نحو المصالح السياسية والحديث عن مشروع الفدرالية بدعوى انه السبيل الوحيد لحماية أهل السنة. كما سعت لتقويض الوحدة مع الجنوب وأنها تسعى لادعاء التمثيل الشعب والتفاوض مع الحكومة وراء الأبواب المغلقة. ومع ذلك، فإن الناس باتوا يدركون ذلك، ولا يثقون بهم وتمكنوا من طردهم في عدة مناسبات.
ومن الواضح أن هؤلاء الساسة لا يتحكمون في الساحات العامة، وهم يعرفون ذلك جيداً. انهم يريدون وضع حدّ للتظاهرات، وأنها محاولة لخطف الاحتجاج بالطريقة التي تخدم مصلحتهم داخل العملية السياسية. مشيرة إلى ان الاحتجاجات في الجنوب والشمال جزء من الحركة الشعبية نفسها التي تكافح من أجل حقوق العراق ووحدته. ويواجه جنوب العراق عقبات مختلفة، حيث المشكلة الرئيسية هي أن هناك التدّخل الإيراني من خلال الميليشيات والأحزاب المختلفة وان المؤسسة الدينية الشيعية (المرجعيّة) وغيرها من الزعماء الدينيين تسعى لكبح جماح الحركة لصالح الوضع السياسي الراهن. ومع ذلك، يمكن لهذا التأثير أن ينخفض كثيرا عندما يشعر الناس بأن الزعماء الدينيين فشلوا في حماية مصالح الشعب .


ثم قدّم الأمين العام لهيئة التنسيق المركزية لدعم الانتفاضة العراقية، الدكتور عبد الكاظم العبودي، استعراضاً للأوضاع السياسية في العراق وما انتهت اليه العملية السياسية القائمة على محاصصة اثبتت الاحداث انها مرفوضة من قبل الشعب العراقي خاصة انها السلطة الناشئة عن هذه المحاصصة قد فشلت فشلاً ذريعاً في تقديم اية خدمة للمواطن رغم ما يأتيها من ثروة هائلة من ورادات النفط العراقي. واكد ان ما يجري من عنف ما هو الا عملية استعراض للقوة بين افراد العملية السياسية التي تسير في طريقها الى النهاية ومحاولة كل طرف الاسئثار بقدر اكبر منها.
وتحدّث عن نشاطات الهيئة التي جرى تشكيلها فور اندلاع الانتفاضة الشعبية، مؤكدا انها تضم طيف واسع من العراقيين من مختلف انحاء العالم، وبغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية او العرقية او الحزبية. وتسعى هيئة التنسيق لتسليط الضوء على انتفاضة الشعب العراقي ومعاناته وكل ما يتعرض له من انتهاكات تمس حقوقه الاساسية في الحياة الحرة الكريمة. واوضح حجم عمل الهيئة خلال عام 2013 المتمثل بالمشاركة في الكثير من النشاطات وتوجيه الرسائل واصدار البيانات وتسليط الضوء في مختلف دول العالم على انتفاضة شعب العراق وما تتعرض له من قبل السلطة الطائفية في المنطقة الخضراء.
وحيّت الدكتورة ايمان احمد خمّاس المنظمات المشاركة على ماقامت به خلال سنوات الاحتلال العشر الماضية في الضغط على برلمانات وحكومات دول العالم من أجل رفع الحيف الذي يحيق بابناء الشعب العراقي جراء سيطرة حفنة من المافيات المسلحة المدعومة من جهات خارجية على رأسها ايران، مما تسبب في تردٍ غير مسبوق يَعِمُّ كل مجالات الحياة في العراق. واقترحت خطة عمل في ثلاثة محاور تضمنت حملة دبلوماسية شاملة لشرح الوضع العراقي المزري وخاصة في المجال الامني وانتهاكات حقوق الانسان وفشل الحكومة بل ضلوعها فيه، وكذلك تشكيل فريق عمل لإعداد تقرير مفصل بهذا الشأن، واخيرا عقد مؤتمر قانوني دولي يحدّد حقوق العراق المهدورة من خلال العدوانات العسكرية والحصار والاحتلال، وتعويضه عن كل ما لحق به من أضرار خاصّة جرّاء الاحتلال.
وتناول السيد ناجي حرج في حديثه انتهاكات حقوق الانسان في العراق، مؤكدا انها تجري بالطريقة التي رسمتها الولايات المتحدة وسلطات الاحتلال لإبقاء الشعب العراقي تحت نير مشروع الاحتلال الذي باتت تنفذه الآن مؤسسات السلطة واجهزتها التي أنشأها الاحتلال. واوضح ان انتهاكات حقوق الانسان تجري على نطاق واسع ومنتظم.
وقدّم أمثلة على ما يجري من اعتقالات تعسفية تطال المئات من المواطنين، واستمرار عمليات الاعدام بعد محاكمات لا تتوفر فيها أبسط متطلبات المحاكمات العادلة، وتطرق الى الاستخدام الواسع لقانون مكافحة الارهاب كذريعة لتصفية الخصوم السياسيين والمناوئين لعملية المحاصصة الطائفية.
وشرح السيد حرج جهود المنظمات غير الحكومية في توثيق انتهاكات حقوق الانسان في العراق من خلال الرسائل والتقارير التي تقدّم الى هيئات الأمم المتحدّة وخاصة الهيئات المعنيّة بحقوق الانسان.
وعرض رئيس الحملة البرتغالية (العراق ترابيونال)، السيد مانويل رابوسو، ملاحظاته بخصوص ما يجري اليوم في العراق. وبيَّن ان الغرب ركز منذ عام 1990 على معاداة العرب والاسلام بصورة خاصّة مستخدمين ثلاث فرضيات: صراع الحضارات، التطرف الديني والارهاب. وكل هذه الفرضيات مرفوضة من قبل الحركات والاحزاب الجماهيرية. واعتبر ان الامر لا يعدو جزءاً من تجدّد محاولات السيطرة الامبريالية على المنطقة.
وشدّد السيد رابوسو على الامر الحاسم للمواجهة وهو التضامن بين الشعوب الأوربية وشعوب الدول العربية والاسلامية. مؤكداً ان في مقدمة ذلك تأتي اهمية استمرار التضامن مع الشعب العراقي. ولخَّص مهمّاتهم المقبلة في هذا الصدد بالسعي لإضعاف هيمنة الحكومات الغربية من خلال وسائل الاعلام والصحافة على الرأي العام، وإدانة التعاون بين القوى الامبريالية الاوربية/ الامريكية القائم على مصالح خاصة ضد مصالح الشعوب، إضافة إلى دعم حركات المقاومة والانتفاضات الجماهيرية في النضال ضد الهيمنة الاستعمارية والامبريالية. ودعوة كل المنظمات والحركات المناهضة لتوحيد جهودها في هذا السياق.
وعرض السيد مايك باور جهود الحملة السويدية لمناصرة الشعب العراقي وما قامت به من جهد خلال العام، ومن ذلك عقد مؤتمر في آذار/ 2013، حيث ذكرى الغزو والاحتلال، وكذلك إقامة فعالية في ذكرى سرقة المتحف الوطني في بغداد. كما اصدرت الحملة بيانات صحفية ووجهت رسائل عدة وقامت باتصالات مع شخصيات رسمية وبرلمانية، فضلا عن تنظيم بعض الاحتجاجات. وتحدث عن تعقيدات الوضع في العراق في ظل التدخلات الاقليمية واستمرار سلطة المالكي في ارتكاب الانتهاكات وفشلها الذريع في تقديم اي من الخدمات.
واستمع المؤتمر الى مداخلة قدّمها احد الاكاديميين العراقيين شرح فيها الوضع الحالي في العراق، مؤكداً أن ما يحدث في العراق من دمار وتخريب وفساد وتردٍ متصاعد في الأوضاع الأمنية والخدمية والاجتماعية والاقتصادية منذ اليوم الأول للاحتلال الأمريكي ولحد الآن جاء نتيجة للمؤامرة الصهيونية الأمريكية الإيرانية التي تهدف لطمس هويته الوطنية وتفتيته وتقسيمه إلى دويلات ضعيفة قائمة على أساس عرقي وديني وطائفي ضمن مخطط مشروع الشرق الأوسط الجديد. واوضح ان هدف التحالف الصهيوني/ الأمريكي/ الإيراني لتفتيت العراق قد تجسَّد من خلال قيام دولة الاحتلال بحل كافة مؤسسات الدولة العراقية والتأسيس لعملية سياسية تقوم على أسس عرقية وطائفية، وتشريع الكونغرس الأمريكي لقانون تقسيم العراق في 26 ايلول 2007 المقدم من قبل السيناتور الديمقراطي، السابق، ونائب الرئيس الأمريكي الحالي جون بايدن، وبإسناد إيراني مباشر. وقد اتفق الندان (واشنطن- طهران) في الظاهر والحليفان في دهاليز الصهيونية على تقاسم المصالح في العراق. وقد اتفق على شخصية مغمورة مثل نوري المالكي ليقود السياسة في العراق إثر القرار الأمريكي. وواصل التأكيد انه تنفيذا للمخطط التفتيتي للعراق قامت حكومة المالكي بخلق حالة من الاضطراب الامني وتصعيد وتيرة العنف والاغتيالات والتفجيرات وافتعال الأزمات السياسية والأمنية وانتهاك حرمة النساء باعتقالهن والتجاوزات الفاضحة على حقوق الإنسان في السجون السرية والخاصة، والتصدي بشكل وحشي واجرامي ومنافي لأبسط الحقوق المكفولة انسانيا ودستوريا بحق إقامة الاعتصامات التى يطالبون فيها باسترداد حقوقهم، كما حصل في مجزرة الحويجة الاجرامية والتي ثبت فيها قيام عناصر من الحرس الثوري الإيراني بتفيذها كما جاء على لسان قائد الحرس الإيراني. وبذلك نفذ المالكي الخطوة الأولى من المشروع الأمريكي الصفوي لتقسيم العراق بعد أن ضمن حدوداً في الشمال تجسَّدت أرضاً وواقعاً، والان جاء الدور على الإقليم الغربي كي يدفعه بذات الاتجاه الذي دفع الأكراد نحوه. واختتم تحليله للأوضاع قائلا: ان مايجري من عنف وتهجير قسري واغتيالات وتفجيرات وقتل على الهوية في العراق اليوم ليس حرب طائفية كما يطلق عليها البعض بين أطياف الشعب العراقي وانما هي عمليات انتقامية تقوم بها الميليشيات المسلحة المدعومة من إيران ماديا وعسكريا والتي تنفذ عدوانها على الشعب العراقي على مرأى ومسمع من الحكومة العراقية التي تغض الطرف عنها بغية دفع البلاد لحرب أهلية طاحنة تبيح للحكومة تعطيل الدستور والبرلمان والاستئثار بالسلطة لتنفيذ المخطط الصهيوني التفتيتي، كما يتضح من خارطة الهجمات التي تحدث فقط في الساحات المناوئة لحكومة المالكي، سواء الشيعية او السنية.
وعن تخريب التعليم كجزء من مخطط تفتيت العراق واثارة الفتن قال الاكاديمي العراقي: لقد عمدت حكومات الاحتلال الأمريكي للعراق المتعاقبة منذ عام 2003 على وضع مناهج التعليم الابتدائي وفق المنظور الطائفي للأحزاب الحاكمة والابتعاد عن القيم الوطنية التي تؤسس لبناء أجيال تؤمن بالوطن الواحد وزرع بدلاً عنها المفاهيم العلمية السطحية والترسيخ لإنشاء منظومة قيمية طائفية قائمة على الأحقاد التاريخية لخلق اجيال متخلفة ترى في تفتيت الوطن على اساس طائفي الخيار الأمثل، متجاهلين حتمية اجتماعية مفادها ان التنوع العرقي والديني سمة للإبداع والتنافس الخلاق والطريق الأجدر بحمل البلاد على التطور. لذا عمدت الحكومات الطائفية على إقصاء الطوائف الاخرى وحرمانها من حق التعليم والتفوق والادارة والمساهمة في بناء منظومة القيم الفكرية والتعليمية من خلال ممارسات تعسفية تجسَّدت بحرمان طوائف بعينها من النجاح ومواصلة التعليم العالي والتعيين عندما اغلقت في سنة دراسية واحدة كثر من 19 مركز امتحاني، ومضايقة الممتحنين حتى تدنَّت معدلات النجاح الى اقل من 20% ، في مناطق محددة. وفي مجال التعليم العالي فقد اقتصرت الزمالات البحثية على مكون بعينه دون المكونات الاخرى فقد وصلت نسبة الطلبة الموفدين خارج العراق (من مكون واحد) الى 90 % من نسبة المبتعثين، في حين وصل عدد عمداء الكليات ورؤساء الجامعات (من نفس المكوِّن الحكومي) حوالي نسبة 96 %  قياسا بالمكونات الاخرى.


وخصّص الاجتماع جلسة بخصوص التعليم في العراق حيث استعرض السيد منذر الاعظمي ما جرى تنفيذه من مقرّرات مؤتمر غينت/ بلجيكا عام 2011 عن التعليم في العراق. مبيناً ان المؤتمر الذي ضم نخبة من الاكاديميين العراقيين وأكاديميين أوروبيين ومن جنسيات اخرى قد لخص الواقع المزري للتعليم في العراق- وخاصة التعليم العالي- في الكتاب الذي صدر تحت اسم (إبادة التعليم) والذي ضمَّ إيجازاً للبحوث، ورفع مستوى العمل التضامني الى صياغة المواقف المطلوبة التي يتوجب على المجتمع الدولي الإهتمام بها. وقد ضم (إعلان غينت) وما خلص إليه المؤتمر من توصيات مهمة تخص الوضع والكادر التعليمي داخل العراق وأخرى تخص الاكاديميين العراقيين خارج العراق وضرورة إسنادهم كذخيرة لبلدهم. ولغرض تنفيذ التوصيات فقد جرت عدة اجتماعات ولقاءات ومنها لقاءات من وفد من ثمانية ناشطين وأكاديمين مع المديرة العامة لمنظمة الامم المتحدة للثقافة والعلوم (اليونسكو) وأغلب روساء الإقسام في مركزها بباريس. كما اوضح ان هنالك حملة تضامن دولية مع الاكاديميين العراقيين، وحاجة لبروز مؤسسات تضامنية تستطيع التفاعل مع المؤسسات العالمية حسب قواعدها، وهنالك متابعة لما جرى من اغتيالات طالت عدد غير قليل من خيرة الاكاديميين العراقيين، مبيناً ان هنالك الكثير الذي يجب عمله فما يتعلق بأوضاع التعليم في العراق، وان كل الاكاديميين العراقيين والكوادر التدريسية مطالبين بالعمل الجاد سواء بتوضيح إستمرار جهود إبادة التعليم العام والجامعي في العراق كجزءٍ من كون العراق دولة فاشلة، أو بإنضاج بدائل يمكن اللجوء اليها عندما تسمح الظروف بذلك بالخلاص من تبعات الإحتلال وإعادة بناء الدولة العراقية على أسس المواطنة وتطوير الكفاءات بمستوى عالمي.
وتحدّث الدكتور باسم الجنابي عن استقلالية الجامعات، مبيًناً ان ان الجامعات العراقية تعيش في حالة غير مسبوقة من الفوضى والطائفية، فالتعيينات إبتداءً من رئيس الجامعة الى أصغر موظف إداري فيها تعتمد على الولاء الطائفي والحزبي لهرم المؤسسة التعليمية في العراق دون النظر إلى موضوع الكفاءة والخبرة، كذلك التدخل المباشر من قبل الوزارة في موضوع الإيفادات والزمالات، ناهيك عن موضوع القبول في الدراسات العليا فالقبول فيها لبعض السياسيين والمتنفذين حزبيا تتم من خلال الاستثناءات التي يحصلون عليها من قبل الوزارة خارج الاسس والظوابط مما يسبب ارباكا  شديدا وهنالك من الوثائق ما يثيت ذلك. وكذلك التدخل غير المسبوق في سياسات الجامعات واختيار المناهج.
واوضح سياسات التهميش والاقصاء التي تتبعها الوزارة منذ احتلال العراق عام 2003 ولحد الان، فهي متمسكة جدا بقرارات  التهميش والاقصاء التي وضعها بريمر، لا بل قامت الوزارة خلال ولاية الوزير علي الاديب الحالية بإعادة النظر بالقرارات السابقة التي تم بموجبها اعادة بعض اساتذة الجامعات الى وظائفهم، حيث طرد الكثير منهم. وتحدّث الدكتور الجنابي عن ما اسماه بــ(المجزرة)  التي أقدمت عليها  الوزارة بإحالة جميع الاساتذة فوق عمر 65 سنة الى التقاعد بغض النظر عن الحاجة الفعلية للجامعات لاختصاصاتهم، علما ان اغلب هؤلاء الاساتذه هم من خريجي افضل الجامعات المعترف بها على نطاق دولي ويمتلكون خبرة طويلة جدا بالتدريس، ولا يوجد بديل حقيقي  لهم، خصوصا الاختصاصات الطبية والهندسية ويقدر عددهم بالمئات. كما تحدّث عن موضوع نصب كاميرات للتنصت على المحاضرات داخل القاعات الدراسية. منتهكة بذلك الخصوصية ومنتهكة قواعد حرية الرأي والتعبير التي نص عليها الدستور الذي يتشدقون به، وقد طبقت هذه التجربة الفريدة في كلية العلوم السياسية/ جامعة بغداد ، وحاليا تم تعميمها على باقي الكليات والجامعات.

وفي ختام الاجتماع صدر البيان التالي

بيان لشبونة - أكتوبر 2013
المساءلة والعدالة في العراق


عقدت الشبكة الدولية المناهضة للاحتلال (
IAON) اجتماعها السنوي في العاصمة البرتغالية/ لشبونة في الفترة من 11-13 أكتوبر بحضور اعضاء من البرتغال، الجزائر، بلجيكا، فرنسا، العراق، الأردن، هولندا، إسبانيا، سويسرا، السويد، المملكة المتحدة، يمثلون العديد من المنظمات غير الحكومية الدولية وذلك لمناقشة التطورات في العراق ومستقبله.
ولاحظ المجتمعون انه حتى بعد أن اضطّرت الولايات المتحدة لسحب قواتها القتالية، تحت ضغط مقاومة شعب العراق 
للاحتلال، فما زال عشرات الآلاف من المستشارين والموظفين والمتعاقدين وأفراد الأمن، في جميع أنحاء البلاد يعملون لضمان تحقيق أهداف الاحتلال. وتواصل القوى الأجنبية والإقليمية التنافس على النفوذ والهيمنة على العراق، بما في ذلك التدّخل مع الميليشيات وارتكاب الجرائم ضد الشعب العراقي.
ولم تتخلَ القوى الخارجية عن محاولتها للسيطرة على الموارد الاقتصادية للبلاد، وكذلك حرمان الشعب من الخدمات الأساسية.
ان السبب الجذري لتزايد العنف الإرهابي هو فرض دستور بريمر الطائفي على الشعب العراقي خلال السنوات الأولى من الاحتلال. وهو ما تؤكدّه الأعداد المتزايدة من المتظاهرين في الانتفاضة الشعبية ضد نظام المالكي والتي انتشرت في جميع أنحاء العراق منذ ديسمبر/ كانون الاول 2012.
إن شعب العراق مصمّم، كما هو واضح، على إزالة كل ما خلّفه الاحتلال، وإن العملية السياسية والنظام المفروض على العراق هما مكملاّن لبعضهما البعض ويعدّان استمرارا ً لاستراتيجية الولايات المتحدّة في سياسة (فرّق تسُد) على مقاومة العراق للامبريالية والليبرالية الجديدة.
إن سياسة النظام الحالي تعتمد على الانتقام والتقسيم الطائفي وتشجيع الأعمال الإرهابية ضدّ السكان المدنيين لمنع العراق من استعادة سيادته بعد عقود من العقوبات والحروب والاحتلال.
إن الشبكة الدولية لمناهضة الاحتلال (IAON)  تعيد  تكرار موقفها من إعلان  لوفيّتLe Feyt لعام 2008  من ان "العراق لا يستطيع أن يستعيد استقراره ووحدته وسلامة أراضيه حتى يتم ضمان سيادته... وينبغي على جميع الدول المجاورة للعراق ان تدرك أن استقرار العراق يخدم مصالحها الخاصة وكذلك عليها الالتزام بعدم التدخل في شؤونه الداخلية" .

 شعب العراق ينبذ الطائفية والانقسام
ونحن نواصل الدعم والدعوة إلى التضامن مع جهود الشعب العراقي ونضاله لاستعادة الاستقلال الكامل، لا بدّ من كشف الحقائق حول الحرب وان يتمّ الاعتراف بتبعات الاحتلال. إن الولايات المتحدة وحلفائها همّ من يتحمّل مسؤولية الدمار والجرائم التي ارتكبت ضد العراق ويجب أن يحاسبوا.
إن العالم امام مسؤولية قانونية وأخلاقية لمساعدة الشعب العراقي في استعادة حقوقه المشروعة بعد كل المعاناة التي تعرّض لها. لكن مصير العراق يقرّره ابناء شعبه. ونحن على ثقة بأن شعب العراق قادرٌ على إعادة بناء بلده وتحديد مسار مستقبله .
ان الشبكة الدولية المناهضة للاحتلال (IAON) تدعو جميع حركات التضامن والحركات المناهضة للحرب والمناهضة للامبريالية وكل الشعوب المحبّة للسلام الوقوف مع الشعب العراقي في هذه المرحلة من المقاومة.

خطة العمل
أهدافنا الرئيسية في الفترة القادمة هي:
1.   تعبئة الوعي الدولي بشأن بقايا سياسة الاحتلال ودعم إلغائها.
2.   تكثيف المطالبة الدولية للمساءلة والعدالة للعراق.
3.   زيادة التعاون بين قوى التضامن والشعب العراقي للتخفيف من معاناة ضحايا الحرب والاحتلال.

إن الشبكة الدولية لمناهضة الاحتلال (IAON) ستدعم وسوف تركز من بين جهودها في الفترة المقبلة على:
1.   استمرار نشر وتبادل المعلومات حول المقاومة الشعبية للطائفية واستمرار انتهاكات حقوق الإنسان في العراق .
2.   تنسيق الجهود للضغط على البرلمانات الوطنية والاتحاد الأوروبي لتشجيع الحكومات وهيئات الأمم المتحدة لتقوية معارضتها استمرار الانتهاكات المنهجية والواسعة النطاق لحقوق الإنسان من قبل السلطات العراقية، وخاصة استخدام عقوبة الإعدام، ودعم التوصيات الهامّة في التقرير الصادر عن مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة *، بما في ذلك اعادة تعيين مقرّر خاص للامم المتحدة للعراق لمراقبة احترام حقوق الإنسان عن كثب.
3.   العمل على رسم استراتيجية قانونية لمحاسبة المسؤولين قانوناً عن جرائمهم في العراق والمطالبة بتعويض الضحايا.
4.   العمل على إجراء تحقيقات دولية مستقلّة بشأن استخدام أنواع مختلفة من الأسلحة في العراق وتزايد اعداد الولادات المشوهة في الفلوجة والبصرة وغيرها من الأماكن. والتحقيق بشأن استخدام أراضي العراق مكبّاً للمواد المشعة والكيميائية الخطرة.
5.   زيادة مشاريع التعاون بين مختلف المجموعات الوطنية والمنظمات العراقية لمساعدة أولئك الأكثر تضررا من الحرب.
إن الشبكة الدولية لمناهضة الاحتلال IAON تشجّع بقوة جميع قوى السلام للانضمام إليها في هذه الجهود .
لشبونة 13 أكتوبر 2013

* يمكنكم قراءة المزيد في "الحقيقة والعدالة والتعويضات للعراق" وثيقة الأمم المتحدة، هنا:


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق