26‏/6‏/2013

رسالة أمين عام هيئة التنسيق المركزية لدعم الانتفاضة العراقية إلى وزراء العمل العرب

فيما يأتي رسالة الامين العام لهيئة التنسيق المركزية لدعم الانتفاضة العراقية د. عبد الكاظم العبودي الى وزراء العمل العرب المشاركين في الدورة 102 لمنظمة العمل الدولية التي جرت اعمالها في المقر الاوروبي للأمم المتحدة/ جنيف للفترة من 5 ولغاية 20 حزيران/2013.


أصحاب المعالي وزراء العمل العرب المحترمون
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أصحاب المعالي،
يسرّني ان اخاطبكم باسم هيئة التنسيق المركزية لدعم الانتفاضة العراقية (وهي تجمّع عراقي وطني مستقل يضم تحت لواءه العراقيين المناهضين للاحتلال وكل نتائجه الموزّعين في مختلف انحاء العالم)، محاولاً ان اشرح في هذه الرسالة جزءاً يسيراً من معاناة العراقيين جرّاء ممارسات السلطة الطائفية الحاكمة في العراق وما تخطّط له و لمستقبل شعبه المنكوب، وما ينتظرهم من مستقبل غامض مفعم بالويلات والدمار تنفيذاً لأجندة امريكية باتت اسرائيل وايران هما المستفيدان منها تحقيقاً لطموحاتهما وتوسعهما الإقليمي على حساب العراق والأمة العربية لتفتح ابواب الجحيم في المنطقة باسرها.


مرت عشرة اعوام على غزوالولايات المتحدة الامريكية وحلفائها بلدكم الثاني العراق واحتلاله عام 2003. وفي هذه الفترة ثبت للعالم أجمع، بطلان كل التهم التي وجهت للعراق بهدف تبرير غزوها وعدوانها . لقد دمر الاحتلال هذا البلد العريق ومزق نسيجه الاجتماعي فارضا عليه نظام  المحاصصة الطائفية البعيدة كل البعد عن ثقافة الشعب العراقي. ونصبت عليه سياسيين عملاء يأتمرون بأوامرها، وفرضت عليهم عملية سياسية مشبوهة ودستور ملغوم، حولت العراق الى دولة فاشلة، يستشري فيه الفساد والمحسوبية والتزوير، وبات في التنصيف الدولي من أكثر دول العالم فسادا وهدرا للمال العام وإفتقادا للأمن وانتشارا للموت والجوع والمرض، يحصد ارواح الابرياء ويحطم حياة شعبه.
لقد دفعت الطبقة العاملة في العراق الثمن الباهظ لغزو العراق واحتلاله عام 2003، باعتبارها الشريحة الاقل دخلا والاكثر هشاهشة اقتصاديا. لقد عمت البطالة بين من هم في سن العمل ووصلت الى 57 بالمئة. ان التحديات التي تواجهها الطبقة العاملة في العراق، بالاضافة الى الوضع الامني السيئ والفساد المستشري هو قيام المحتلين بغض النظر عن تفكيك المعامل وتدميرها ونقل مخلفاتها الى خارج العراق وبيعها كأنقاض مما أدى الى فقدان مئات الآلاف من العمال عملهم ومصدر عيشهم. ولم يبقى أمام هذه الشريحة الفاعلة والمنتجة في المجتمع الا الانخراط في مليشيات طائفية ليشحنوا بالحقد ويتعلموا اساليب القتل والاجرام بدلا من العمل المنتج النافع للمجتمع وتطور البلاد.
انهمك قياديو العملية السياسية في صراع ضار على تقسيم الغنائم وتوزيعها بين جماعاتهم وأحزابهم، وهكذا تحول العراق شعبا ومدنا وتاريخا وتراثا وثرواتا وحاضرا ومستقبلا جسدا عليلا ازدادت فيه الأوضاع سوءا على سوء، وغرق الشعب العراقي في فقر مدقع، تفتك بأهله الأمراض، ارتفعت البطالة بين القوى العاملة الى نسبة ( 57%)، النسبة الاعلى في العالم؛ في حين ازداد الحكّام الأتباع شراسة في صراعاتهم، ومنهم من يوظف النعرة الطائفية ليحتمي بها، ويغطي عمليات نهبه، وتسيده في المنصب، ومنهم من اغتصب وزور إرادة هذا الشعب المنكوب، مؤججين التناحر بين ابناء البلد الواحد، ليشغلوهم عن مصلحتهم الحقيقية بعراق حر سيّد نفسه.
وبعد ان ردت المقاومة العراقية الباسلة، للعراق وامته العربية والاسلامية ولكل الأحرار والمناضلين في العالم، الاعتبار الواضح ومرّغت انف أمريكا واتباعها في وحل الهزيمة ببسالة تليق بتاريخ العراق المجيد، عراق الحضارات، فأجبرت المحتل على الرحيل وانكفاء ما تبقى من قواته في قواعد عسكرية محصنة.

ان الولايات المتحدّة لم تشأ لتترك العراق لأهله وابنائه فقد سلمته، على طبق من ذهب، الى ايران التي سيطرت عليه سياسيا واقتصاديا وثقافيا ومذهبيا وفرضت عليه قيادات الاحزاب التي انشأتها ورعتها ومولتها في السابق لخدمة اجندتها الطائفية لتجعل من العراق البوابة التي تدخل منها الى دول الخليج العربي لزعزعة استقرارها وامنها تحقيقا لحلمها الامبراطوري الفارسي.

أصحاب المعالي،
لعلكم تعلمون ان العراق ـ قبل الاحتلال ـ كان يسير بخطى حثيثة نحو التطور في المجالات كافة. وقد كان من أكثر بلدان العالم تعلما، وتخلّص من الامية محتفلاً بتعليم اخر أمي عام 1988 وهو ما أقرّته اليونيسكو، لكننا نجد ان الأميّة تعود مع الاحتلال ومن اوسع الأبواب. فخلال هذا الشهر (حزيران 2013) فتحت وزارة التربية  والتعليم مراكز لمحو الامية، التحق بها نصف مليون شاب أمّي، وظهر ان الغالبية العظمى من الملتحقين بتلك المراكزهم من الشباب الذين لا تتجاوز اعمارهم 20 عاما، اي يفترض انهم الان كانوا قد أكملوا تعليمهم الثانوي والالتحاق بالجامعات والمعاهد وقسم منهم قد تخرج حتى من الجامعات. هذا في الوقت الذي تسلمت السلطة الحاكمة في العراق عوائد نفط جاوزت 700 مليار دولار أمريكي منذ عام 2004.
لقد كان العراق من أفضل ثمان دول في العالم صحيا، وهو الان عليل تفترسه الامراض والتشوهات الجينية بفعل الاسلحة الفتاكة التي استخدمتها أمريكا في وسط وجنوب العراق كالفسفور الابيض في الفلوجة والجيل الجديد من قنابل النابالم الحارقة ( أم كي 7) وذخائراليورانيوم المنضب فأورثتهم السرطانات والولادات المشوهة، واحالت أرض العراق الى أرض موبوءة الى مئات السنين القادمة.
تود هيئة التنسيق المركزية لدعم الانتفاضة العراقية ان تقتبس لمعاليكم مقتطفات من أخر تقرير للجهاز المركزي للاحصاء بوزارة التخطيط العراقية. ذكر التقرير:
1- ان نسبة الذين يقعون تحت خط الفقر في العراق تبلغ 6 ملايين و900 الف مواطن، اي نحو 22,9 بالمئة من نفوس العراق.
2- ان 57 بالمئة من نسبة السكان في سن العمل هم خارج دائرة النشاط الاقتصادي. وتبلغ 87 بالمئة بالنسبة للنساء.
3- ان نسبة متوسط الانفاق الاسري الشهري على السكن والكهرباء والوقود بلغت 29 بالمئة وبنحو 10 بالمئة للنقل بسبب ارتفاع اسعار الوقود وتخفيض سياسة الدعم الحكومي للمشتقات النفطية.
4- وجود 33 بالمئة من الاسر الفقيرة غير مرتبطة بشبكة الماء الرئيسة و35 بالمئة من الاسر يعانون عدم ارتباط منازلهم بشبكة الصرف الصحي.
5- انه في حالة الرفع التام وحجب البطاقة التموينية عن جميع الاسر فانه سيرفع معدل الفقر بالعراق من 23 بالمئة الى 34 بالمئة.
ولم يتطرق التقرير الى مشاكل التصحر وزحف المزابل باتجاه المدن ودمار شبكات الصرف الصحي وتآكل المعامل وجفاف الانهار، هذا كله يحدث في بلاد تستلم يوميا مئات الملايين من الدولارات من عوائد النفط.
لقد دفعت الطبقة العاملة في العراق الثمن الباهظ لغزو العراق واحتلاله عام 2003، باعتبارها الشريحة الاقل دخلا والاكثر هشاهشة اقتصاديا. لقد عمت البطالة بين من هم في سن العمل ووصلت الى 57 بالمئة. ان التحديات التي تواجهها الطبقة العاملة في العراق، بالاضافة الى الوضع الامني السيئ والفساد المستشري هو قيام المحتلين بغض النظر عن تفكيك المعامل وتدميرها ونقل مخلفاتها الى خارج العراق وبيعها كانقاض مما أدى الى فقدان مئات الالاف من العمال عملهم ومصدر عيشهم. ولم يبق أمام هذه الشريحة الفاعلة والمنتجة في المجتمع الا الانخراط في مليشيات طائفية ليشحنوا بالحقد ويتعلموا اساليب القتل والاجرام بدلا من العمل المنتج النافع للمجتمع وتطور البلاد.

أصحاب المعالي
 أشارت تقارير منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن واتش ان العراق احتل المرتبة الثالثة في العالم في تنفيذ حكم الاعدام .لقد أعدمت أجهزة وزارة العدل العراقية خلال النصف الاول من هذا العام ( 58) شخصاً من السجناء المتهمين، بما تطلق عليه السلطات "أنشطة إرهابية "، وان هناك تقارير تفيد بأن (20) آخرين قد يتم اعدامهم قريبا. ومع إعدام نحو ( 129 ) شخصاً في عام 2012 أصبح العراق يحتل المرتبة الثالثة في تنفيذ حكم الاعدام، هذا وقد صرح وزير العدل العراقي السيد حسن الشمري بتاريخ 13 نيسان\ ابريل 2013  قائلا  أن" ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻛﺜﺮ ﻣﻦ [1400] ﻣﺤﻜﻮﻡ ﺑﺎﻻ‌ﻋﺪﺍﻡ، ﺑﻴﻨﻬﻢ 50 ﺷﺨﺼﺎ ﺍﻛﺘﺴﺒﺖ ﺍﺣﻜﺎﻣﻬﻢ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﻘﻄﻌﻴﺔ، ﻭﻫﻢ ﻣﺤﺘﺠﺰﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻮﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ".  وقال ردا على انتقادادات منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس واتش، اننا سنستمر في تطبيق حكم الاعدام، حتى وان احتل العراق المرتبة الاولى في العالم في تنفيذ حكم الاعدام .
إن حكومة العراق لا تزال تتجاهل القانون والأعراف الدولية، خاصة تلك التي تحمي الحق في الحياة. إن عدم وجود نظام محاكماتٍ عادل، وما يُتبّع من أساليب بشعة لانتزاع الاعترافات هي جزء من إنتهاكات حقوق الانسان المستمرة والمتصاعدة في العراق منذ الغزو الامريكي عام 2003. اكد السيد كارستين يورغستون خبير الشؤون العراقية في منظمة العفو الدولية ان حالات الاعدام وممارسات التعذيب ضد المعتقلين  في العراق تمارس وتنفذ بشكل طائفي واضاف ان منظمة العفو الدولية قلقة من ظاهرة استخدام الاعترافات التي تؤخذ من المتهمين المشتبه بهم تحت التهديد والتعذيب وتبنى عليها أحكام الاعدام.
أن النظام القضائي والقانوني العراقي ( المسيس) لا يحترم الحقّ في الحياة، ولا يأبه بحقوق الإنسان أو المعايير الدولية؛ فمن المعاملة المهينة وغير الإنسانية للمعتقلين والمحتجزين، الى ظروف احتجازهم السيئة، وما يتبع من وسائل التحقيق وانتزاع الاعترافات بالقوة، التي غالباً ما يعتمد عليها لإصدار الأحكام دون محاكمات.

أصحاب المعالي،
عندما طفح الكيل بالشعب العراقي، من ممارسات السلطة الحاكمة ومنهجها الطائفي في التهميش والاقصاء والاجتثاث، لم يبق أمامه الا الاعتصام والتظاهر سلمياً منذ أكثر من سبعة اشهر، لنيل حقوقه المشروعة في حياة حركة كريمة دون تهميش أو اقصاء، تقدمت بمطاليب مشروعة ، أقر جميع أعضاء اللجان التي شكلتها السلطة للتفاوض مع المعتصمين بمشروعية مطاليب المعتصمين واعترف بعدم تلبية الحكومة لأي من مطالب المعتصمين السلميين، وان التوصيات التي رفعتها اللجان قد تجاهلتها السلطة الحاكمة وسوّفت أهم بنودها. ولم تكتفي السلطة بذلك؛ بل اطلقت نعوتا وأوصافا ممجوجة ضد المتظاهرين وهددت المعتصمين بالويل والثبور ان لم يفضوا إعتصامهم، بالإضافة الى تهديدات القادة العسكريين الذين أكدوا  فيها على وجود تصميم وتخويل باستخدام القوة من القائد العام للقوات المسلحة .
 نفذت السلطة الحاكمة تهديدها بتاريخ 23 نيسان، أبريل 2013 وأرسلت قطعات من الجيش الحكومي ( من قوات سوات) وبمشاركة إيرانية ،أعترف بها قائد الحرس الثوري الإيراني، وبأمر مباشر من رئيس الوزراء نوري المالكي، ارتكبت مجزرة بشرية في قضاء الحويجة راح ضحيتها أكثر من 200 شهيد وجريح و 400 معتقل ، كخطوة أولى نحو إنهاء الاعتصامات وتصفية ساحاتها بأسلوب القتل والإجرام في مدن الانبار وتكريت وديالى والموصل وسامراء، وكركوك، واخيرا اقدمت على هدم منصات المعتصمين في منطقة العامرية في بغداد يوم الخميس  6 حزيران يونيو 2013، وارتكبت جريمة كبيرة في جامع السارية في مدينة ديالى راح ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح.

اصحاب المعالي،
لقد شرحت هيئة التنسيق المركزية لدعم الانتفاضة العراقية تفاصيل المطالب المشروعة للمعتصمين السلميين في رسالتها المؤرخة في 19 آذار/ مايس 2013 المرفوعة لأصحاب الجلالة والفخامة والسمو، قادة العرب، وحذرت فيها من "إن السلطة الحاكمة في بغداد عازمة على ارتكاب مجزرة بشرية كبيرة ومرعبة، وإن نتائجها ستكون كارثية على العراق والمنطقة العربية بأكملها. وإن هذه السلطة السادرة في غيها لا تأبه بأعداد الضحايا، مهما كثرعددهم، ولا تأبه بالرأي العام العربي والاسلامي والعالمي؛ لأنها سلطة متجبرة وحاقدة مليئة بهاجس الثأر والطغيان، وما تحشيدها القطعات العسكرية حول المدن المنتفضة واستنفار المليشيات الطائفية والعودة الى جرائم السيارات المفخخة في الشوارع، والقتل بأسلحة كاتمة الصوت، وتفجير المساجد والمقاهي، وجرف منصات ساحات العزة والكرامة إلا مقدمات لما نقول.
 إن الزلزال قادم لا محالة وإن الحرب الأهلية، لا سمح الله، إن وقعت هذه المرة فانها لا تبقي ولا تذر، وإن حممها ستطال المنطقة بأسرها".
ان العراقيين، بكل طوائفهم واعراقهم ودياناتهم يتعرضون لخطر محدّق من سلطة لا تقيم وزناً لأية اعتبارات انسانية. انها سلطة، تؤكد كل المعطيات فسادها واجرامها، ووقوفها بالضد من تطلعات شعب العراق ومطالبه المشروعة. ان سلطة المالكي يجب ان تتلقى رسالة عربية واضحة المعالم: من ان الأمة العربية لن تسمح لها بذبح ابناء العراق كيفما تشاء. ان هذه السلطة يجب ان تشعر بوجود نظام عربي قادر على ان يقول كلمته في الوقت المناسب لأيقاف مسلسل الجرائم واستخدام القوة ضد شعب مسالم يبغي حياة حرة كريمة كبقية شعوب العالم.

إننا  نناشدكم، أصحاب المعالي، ان تتحملوا مسؤولياتكم القانونية والاخلاقية ونناشد قبل ذلك، ضميركم الانساني، بان تتعاضدوا مع اخوتكم واخواتكم في العراق في نضالهم الدائب المتعاظم ضد مخلفات الاحتلال، وان تتضامنوا مع المتظاهرين السلميين في العراق من أجل تحقيق مطاليبهم المشروعة.
 نطالبكم باسم عشرات الآلاف من الثكالى اللواتي فقدن أولادهن واحبائهن ان تتدخلوا فورا لايقاف المجازر التي يرتكبها رئيس الحكومة الحالية، وتقفوا بحزم أمام الزحف الطائفي الايراني، واثارتها النعرات الطائفية في العراق واقطاركم العربية الشقيقة؛ بهدف تفكيك النسيج الاجتماعي العربي. ولا نعتقد انكم بحاجة للتذكير بالمخاطر الناجمة عن تفكك النسيج الاجتماعي العربي ونحن نواجه خطراً صهيونيا جاثما على ارضنا العربية في فلسطين يهدد كل وجودنا ومستقبلنا.
تقبلوا ، اصحاب المعالى، اسمى آيات تقديرنا واحترامنا.
د.عبد الكاظم العبودي
الامين العام لهيئة التنسيق المركزية لدعم الانتفاضة العراقية
17 حزيران 2013


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق